تطبيق مستقبل الإسلام
حصريا في فهم المدخلات الحضارية: الكتب التأسيسية للدكتور طارق السويدان
استفحال حالة التخلف في العالم الإسلامي همٌ شغل المفكرين زمنا طويلًا، فبرزت محاولات جادة آتت ثمارًا طيبة حينًا وأقفرت أحيانا أكثر، نظرا لتشابك الهم وتراكبيه المعقدة ليظل إلى يومنا هذا عصيًا على الإلمام بأسبابه الكاملة، ما أنتج ضبابيّة في تصورات الخروج من هذا المأزق التاريخي الملازم لأمتنا منذ سقوط الحضارة الإسلامية المجيدة.
في خضم محاولات توجيه الأمة لسبل استرداد موقعها الحضاري، اجتهد مفكرنا الإسلامي د. طارق السويدان في تحرير أول سلسلة كتب متكاملة بعنوان (مستقبل الإسلام)، جاءت بعد مسيرة بحث وانقداح لأسئلة مبتدؤها: ما بال أمتنا تتذيّل الأمم؟ ومُنتهاها: كيف نعود سادةً للأمم وقادةً للشعوب؟ وهي أسئلة رافقت المفكر منذ الثمانينات لتصدر هذه السلسلة التأسيسية العميقة بعد أربعين سنة لردم الهُوّة بين أحلامنا الورديّة وواقعنا البائس، تحصي المداخل الحضارية التي نحسب أنّ العلم بها أوّل خطوة للعمل عليها وولوج الحضارة من أوسع أبوابها.
1- الحضارة الإسلاميّة القادمة
أول كتاب في السلسلة يقدم فيه وصفا شاملا للحضارة الإسلاميّة كأول خطوات النهوض الحضاري، يتضمّن المقومات الأساسيّة التي كانت سببًا في انتشار حضارتنا وبقائها.
قد تحدّث بدايةً عن مشروعه الوليد للتغيير الحضاري"عُمران" ليكون جوابًا عمليّا لعديد التساؤلات مدارها: كيف نعيد حضارتنا من جديد؟ عندما تُنهي قراءتكَ للكتاب، ستخالجكَ مشاعرٌ شتّى! ستحظى بصورةٍ شاملةٍ تُمكنك من النظر في كُل تفاصيل حضارتنا القادمة، فتُقلّبها كيفما تشاء، وتكاد ترى موقعكَ فيها، بأيّ هيئةٍ وعلى أيّ صفةٍ..
2- الخطة الإستراتيجية لنهضة الأمة
الكتاب نقلة في مجال الفكر النهضوي المنهجي، فهو أكثر عمليّة دون إهمال الجانب النظري، موجهٌ إلى الأمّة كلّها، بنخبها وأفرادها، "فالجميع له مكانٌ ومكانة، له دورٌ ومهمَة".
يأتي كمشروعٍ للتخطيط الاستراتيجي للأمّة جمعاء، كعملية شاملة لتحريك الإرادات نحو التغيير الحضاري، وضع الدكتور أهدافًا واضحةً، محددة، وقابلة للقيّاس، يُمكن تحقيقها في عشرين سنة. طرح عدّة أسئلةٍ مدارها: ماذا بعد التغيير؟ شارحًا معادلة التغيير الحضاري.
المميز هُنا تسمية تسعة وثلاثين مشروعًا حضاريًا مُصنّفا ما بين (قائم)، (جديد) و(مطلوب) حسب تسعة جوانب أساسيّة، يفتح للقارئ مجالًا عمليًّا للانطلاق واستبصار سبل التغيير.
أوضح أيضا الرؤية المستقبليّة، والحديث عن "عُمران" حيث استعرض فكرة المشروع، رسالته، تصوره العام، وماذا سيضيف للتغيير الحضاري؟ وما هي طُرق المساهمة فيه؟
3- الحرية في دولة الإسلام القادمة
فصّل الدكتور مفهوم الحرية، تطبيقاتها في واقعنا، صورها وصفاتها، مُصحِّحًا المفاهيم المغلوطة الرائجة حولها.
أكد على ضرورة الفهم العميق للحريّة، وحدد الوضع الراهن الذي تمرّ به، في تمظهرٍ خادعٍ يدّعي اتصافًا بالديمقراطيّة، وهو في الحقيقة قيود مُكبلة للحريّة، تجعل من الشعوب تحت ربقة العبوديّة المقيتة.
معرفة الحرية تقودك إلى المساهمة في بناء صرح حضارتنا الإسلاميّة القادمة من خلال تمثّلك لها وتطبيقها عمليًا في حياتك..
4- من أنا؟ وما هي هويتي؟
الهويّة من الموضوعات الفكريّة التي لاقت نقاشًا واسعًا، وعرفت تجاذبات لا تُحصى من شرق الأمّة إلى غربها، على تعدد الايدولوجيّات فيها واختلافها، الكتاب مبحثٌ مهمٌ يضع القارئ أمام شمولية التصور وموضوعيّته وواقعيته في آن.
لأنّ بقاء الأمّة مُرتهنٌ ببقاء هُويتها، ولأنّ معركة اليوم هي معركة الهويات، قدم الدكتور أفكارا وسطيّة يأمل من خلالها تعميق الهوية في الأمّة وتكريسها بين المسلمين المنتمين لها.
يتناول الكتاب إجمالًا: الأنا.. المعنى، التكوين والأنواع، الهوية.. عناصر ومظاهر، نحن والغرب لتمييز ملامح الهوية الإسلاميّة المعاصرة عن ملامح الهوية الغربية.
5- اختبر أخلاقك
إن كنت شغوفًا بالإجابة عن أسئلةٍ تتعلّق بزمنِ نُشوء الأخلاق، نسبيّة القيم أو ثباتها، عن توارثها أم قابليّة اكتسابها، عن اختصاصها بدينٍ دُون آخر! ففي هذا الكتاب ستجد زُلالًا نافعًا، لأنّه يأتي كعرضٍ نظري ومقياسٍ عملي في آنٍ واحد، حيث قدّم شُروحًا مفصّلة عن مبادئ الأخلاق، مع اقتراح مقاييس لفهم القيم والإرشاد لكيفية تطبيقها.
لأنّ فهم الأخلاق وتمثلها واقعًا من ضرورات النهوض الحضاري لأمّتنا، ويعتبر هذا الكتاب مرشدًا عمليًّا يُعين على تشكيل تصورٍ مُتزِّنٍ لعلم الأخلاق، وتطبيقاته السلوكيّة الحضاريّة، ينتشل الأمّة من غياهب اللاوعي إلى الوعي اليّقِظ بأزمات المرحلة وتحديّاتها، ينقلها من استصعاب الحلول إلى تبينها والعمل لأجلها، القراءة النافعة لهذا الكتاب أوّل خطواتك للإثمار على الصعيد الفردي والجماعي!
6- الدولة التي أحلم بها
ينقل الكتاب عقل القارئ من المخيال الواسع الذي لا معالم واضحةً فيه إلى تصوّر دقيقٍ بمواصفات تجعل العقل معانقًا للحلم الذي هُو أشبه بالحقيقةِ التي تُرى! فالنُصوص هُنا ليست مجرد نثر أو إنشاء، إنّما هيّ فكرٌ يأتي كجزءٍ هام لحلّ مشكلة التخلّف الفكريّ والعملّي في الأمّة.
قدّم الدكتور طارق السويدان وصفًا مُفصلًا للدولة الإسلامية الأنموذجيّة التي يتمنى أن نحققها قريبًا، حيث استعرضها في ستة مقومات أساسية يندرج تحت كلّ مقوم خمسة فصول فرعية.
يؤكد الكتاب على أنّ الأمنيّات ليست بالمُستحيلة إن توفرت الإرادة اللازمة وتضافرت الجهود لأجلها، مع إبداء تأييد الشباب في رسالةٍ صادقة وعميقةٍ: "أشد علي أيدي الشباب تحديداً، فهم وحدهم القادرون على بناء هذه الدولة، وعليهم يعقد الأمل، وبهم يتجدد العطاء".