"إنما ينتصر الباطل على الحقِّ بجزئية حقٍّ يمتلكها الباطل على جزئية باطلٍ يمتلكها الحقُّ!"
بديع الزمان النورسي رحمه الله.
وأقول: المعركة ليست بين الكفر وبين الإيمان من حيث هي مبادئ، فهي ليست معركة في عالم الأفكار! إن المعركة بين أهل الإيمان وأهل الكفر في عالم الأسباب، وفي عالم التخطيط، وفي عالم الدراسات، وفي عالم التجسس، وفي عالم العقل والدهاء، وفي عالم القدرات، وفي عالم الإمكانيات، وفي عالم الظروف المحيطة!
وببعثة النبي صلى الله عليه وسلم، لا يوجد وعد بالنصر للإيمان لأنه إيمان، ولا الهزيمة للكفر لأنه كفر! الوعد القرآني موجَّه لأهل الإيمان إذا حققوا معادلة الاشتباك!
ومعادلة الاشتباك هي في الحقيقة معادلات، وليست معادلة واحدة! هناك معادلة التحدي، وهناك معادلة الصمود، وهناك معادلة المشاغبة، وهناك معادلة النصر في ساحة ما، وهناك معادلة النصر بالمطلق! وكل معادلة من هذه المعادلات لها ظروفها، ولا يصح ولم يحدث أن تداخلت المعادلات! يعني لم يحدث ولا يصح أن تتحقق معادلة النصر المطلق بمعادلة وظروف معادلة الصمود!
وحتى لا يقع التداخل، لا بد أن تصاحب هذه المعادلات عملية دراسية نقدية تحافظ على الحدود بين المعادلات، لأن أي تداخل بينها يؤدي إلى تأخر النصر، وفوضى في تقدير الأمور، مما يؤدي إلى تدمير إمكانيات المسلمين، وتأخير النتائج، واستمرار الهزائم دون إجراء عملية مراجعة حقيقية! لماذا؟ لأن أهل الإيمان يفسرون النتائج على طريقة:
- ترحيل الواقع على عمومات النصوص التي لا علاقة لها بهذا الواقع!
- ملاحقة الأماني التي لا يدعمها الواقع!
- التفسير التلفيقي للأحداث، مما يسيء للإسلام ولحركة المسلمين في الحياة، ويؤخر النهوض، بل ويؤدي إلى الردة عن الإسلام أو عن المشروع الحركي النهضوي الإسلامي!
- تحميل الهزيمة والمصيبة على سُـنَّـة المِحنة دائمًا، وإهمال في الوقت نفسه سُـنَّـةِ المراجعة والمحاسبة والنقد، أو بتعبير القرآن الحكيم: إهمال سُـنَّـة: (أَنَّى هَذَا؟)!