- من المتوقع أن يزداد الطلب على تدريب المهارات التقنية خلال العقود المقبلة، لأن الوظائف التي لم تكن تتطلب تلك المهارات في السابق، ستبدأ في الاحتياج إليها لاحقا.
- يحتاج مقدمو التعليم أن يوائموا عروضهم لتتوافق مع هذه الزيادة في الطلب على تعلم المهارات التقنية.
- كما يحتاج صناع القرار السياسي والقطاع الخاص أن يعملوا معا لتحسين البنية التحتية المطلوبة.
تبدو أهمية أن تكون أفريقيا متمتعة بالمهارات التقنية والاتصالات واضحة، فمثلا يمكنك أن تتخيل فلاحا في إثيوبيا يطالع أسعار المحاصيل الزراعية على المواقع الحكومية.
أو عامل مصنع في كينيا يشارك صورا من خلال هاتفه المحمول لإمداد الإدارة بآخر تطورات العمل، أو مجموعة عمل صغيرة في رواندا تتحول إلى الاعتماد على المعاملات البنكية عبر الانترنت.
لذا، سيكون النجاح والازدهار صعبا جدا على العمال وأصحاب العمل بدون إمكانية الدخول على الإنترنت والتجارة الالكترونية والتواصل السريع عبر تكنولوجيا الهاتف المحمول.
على الرغم من ذلك، تواجه أفريقيا فجوة كبيرة في المهارات الرقمية مما يخفض من إمكانية فرص التطوير الاقتصادي.
فقد أحصت مؤسسة التمويل الدولي التابعة لمجموعة البنك الدولي وهي المؤسسة التطويرية الأكبر في العام والتي تهتم بالقطاع الخاص والأسواق الناشئة، أن 230 مليون فرصة وظيفية حول القارة ستتطلب مستوى من المهارات التقنية.
وهو ما يتطلب حوالي 650 فرصة تدريبية وحوالي 130 مليار دولار، وقد ظهرت الحاجة الماسة للمهارات التقنية إثر جائحة كورونا التي أجبرت العديد من القطاعات إلى تحويل نشاطها نحو الشكل الرقمي حتى تستطيع الاستمرار.
وللحصول على رؤية أعمق حول دعم هذه المهارات والتأكد من وجود البنية التحتية الملائمة لها، قامت مؤسسة التمويل الدولي ومؤسسة البنك الدولي بإجراء دراسات عبر صندوق أمانة برنامج التطوير الرقمي في أسواق كل من؛ ساحل العاج، كينيا، موزمبيق، نيجيريا، و رواندا.
وطبقا للنتائج الأولية، فإنه بحلول عام 2030 ستتطلب 50 إلى 55% من الوظائف مستوى من المعرفة التقنية في كينيا، و30 إلى 35% من الوظائف في ساحل العاج ونيجيريا ورواندا، و20 إلى 25% في موزمبيق.
إجمالا، فإن هناك 57 مليون وظيفة تتطلب إلى معرفة تقنية بحلول عام 2030، و20% ستكون في القطاع التقني والتجارة الإلكترونية، والتي عادة ما تعد المحركات الأساسية للطلب.
وهو ما يحتوي على العديد من المتضمنات الكبرى حول نوع التدريب المطلوب وكيفية القيام به. ومن المتوقع أن ينبثق الطلب على كل من الوظائف العامة التي لا تصنف على أنها وظائف في قطاع الاتصالات، حيث تتبنى شركات التكنولوجيا الرقمية التدريب في قطاع واسع من المجالات.
حوالي 70% من الطلب سيكون للمهارات التأسيسية وسيكون هناك 23% للمستوى المتوسط من الوظائف غير المتعلقة بقطاع الاتصالات.
على سبيل المثال، مديرو الأعمال الزراعية سوف يحتاجون التدريب على استخدام البرامج المالية لمتابعة الدخل والنفقات، كما سيحتاج العمال في المكاتب إلى استخدام البرامج الإبداعية لتقديم عروض عبر الإنترنت.
أما العاملون في قطاع السياحة فسيحتاجون أن يتعلموا كيفية التسويق الإلكتروني من أجل تنمية أعمالهم، على سبيل المثال، أي منصات التواصل الاجتماعي أصلح للاستخدام، كما يتعلمون كيفية إنشاء موقع الكتروني.
كما ستحتاج الشركات الزراعية والصناعية إلى تدريب موظفيها في مجالات مثل: الروبوتات الزراعية والصناعية، كما ستحتاج برامج لتطوير منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بها.
للاستجابة لهذا الطلب المتزايد، على مؤسسات التعليم العالي في هذه المنطقة أن تطور من مناهجها في الهندسة وتقنية الاتصالات لمواكبة التغيرات التقنية.
كما يمكن تقديم البرامج السريعة للمهارات كحل مؤقت لمواجهة طفرات الطلب من أجل احتياجات محددة.
وبما أن 70% من سكان كينيا لديهم باقات إنترنت، فهم مستعدون لتعلم المهارات التقنية، وكذلك السوق الأفريقية الأكبر(نيجيريا)، التي يبلغ عدد سكانها 200 مليون نسمة، لديها فرص كبيرة لكنها تواجه عقبات أكبرفي البنية التحتية.
على سبيل المثال، 35% من المدارس في نيجيريا متصلة بمولدات كهربائية غير منتظمة على أقل تقدير، لذا من الضروري تطوير شبكات الطاقة للحصول على شبكة انترنت يمكن الاعتماد عليها بمستوى جيد.
أما في ساحل العاج ورواندا، فالمشكلة الأكبر هي عدم وجود إمكانية الدخول على الإنترنت لدى أكثر من نصف سكان هذه البلدان، وفي موزمبيق فقط أقل من ربع السكان يمكنهم الدخول على الإنترنت.
إمكانية الوصول للإنترنت، ليست المشكلة الوحيدة، فحتى الذين يمكنهم الوصول للإنترنت لا يمكنهم الاعتماد عليه بسبب ارتفاع أسعار الباقات، وافتقاد المهارات الأساسية، وقلة المحتوى باللغات المحلية.
كما أن الجودة الكلية لأنظمة التعليم الأساسي والثانوي تؤثر بشكل سلبي على تعلم المهارات الرقمية ومهارات الاتصالات.
وبالرغم من أنه من المبكر أن نقول هذا، إلا أننا نرى فرصا واعدة للتطوير والتدريب في المهارات الرقمية في مدرسة مورنجا للبرمجة في كينيا والتي دربت 2000 طالب في كل من غانا، وهونغ كونغ، وباكستان، ورواندا، وأنديلا، والتي تعمل على تشكيل فرق دعم لتلبية الاحتياجات التقنية للشركات الأفريقية والعالمية، كما تستخدم منصتها التعليمية للوساطة بين المتدربين الخبراء واحتياجات العملاء.
أكاديمية أنكورسوفت في نيجيريا تقوم بالتدريب في مجالات تطوير البرامج واختبارها وعلوم البيانات، وجامعة ال UVCI الافتراضية في ساحل العاج تقوم بتقديم تدريبات في نظم المعلومات على مستويات مختلفة.
كما قامت الحكومة الرواندية بإنشاء أكاديمية قومية للبرمجة في العام الماضي، كما أن هناك العديد من مؤسسات التعليم العالي، بما فيها AdvTech, Educor, Honoris, Get Smarter تختص بتقديم خدمات التدريب الرقمي المختلفة.
يحتاج مئات الملايين من الناس في أفريقيا إلى التدريب أو إعادة التدريب على استخدام المهارات التقنية، وستترك القدرة على تنمية نماذج الأعمال المستدامة أثرا كبيرا على نمو القارة، وسيكون إتقان المهارات التقنية محددا أساسيا لنجاح القارة الأفريقية بشكل متزايد، سواء لدى الفلاح الإثيوبي أو عامل المصنع الكيني أو صاحب المشروع الصغير الرواندي.