الوجه مرآة القلب، والتبسم ضوء ينفجر منه، فهو جمال الإنسان وعلامة الإنسانية، وله قدرة على أن يخترق القلوب ويقرب البعيد، ويحث الناس على التقارب والتعايش، ذلك أنه رسالة المحبة والرحمة.
المخلوق الوحيد الذي يضحك ويبكي هو الإنسان، فالحزن والسرور يقودانه إلى الضحك والبكاء، لكن ليس كل حزن يبكيه وليس كل السرور مضحكه.
التبسم في الإسلام
الإسلام هو دين يعطى كل أمر حقه، للتبسم آداب في الإسلام فهو ينبذ ضحك السخرية والقهقهة.
بإمكاننا أن نفهم خصوصية البشاشة في الإسلام بلمحة واحدة إلى حياة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه كان شخصا شديد التبسم يبتعد عن القهقهة والضحك لغير ضرورة.
يقول عبد الله بن الحارث رضي الله عنه: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ تَبَسُّمًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم (رواه الترمذي)، ويقول جرير بن عبد الله البجلي أحد صحابته: “ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ابتسم في وجهي” (رواه البخاري ومسلم)، وتقول السيدة عائشة أم المؤمنين عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “كان ألين الناس، وأكرم الناس، وكان رجلًا من رجالكم، إلا أنه كان ضحاكًا بسّامًا” (رواه إسحاق بن راهويه في مسنده).
وقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يبتسموا ونصح أن لا يحتقروا البشاشة فيقول: لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق (رواه مسلم)، ويقول أيضا: تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَة ٌ(رواه الترمذي)، وكان يواجه كل أمر بتبسم وبشاشة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذ بردائه جبذة شديدة، قال أنس: فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثرت فيها حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك، ثم أمر له بعطاء(رواه البخاري).
كان تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤثر في القلوب، ونذكر هنا حادثة الفتى الذي أتى رسول الله يستأذنه للزنا وكيف غيّر نصح رسوله الله له ورفقه وتبسمه من قناعة الشاب حتى أصبح كارها للرذيلة، ماذا لو كان عامله رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغلظة؟ فالقرآن الشريف يصفه: (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) (سورة آل عمران : ١٥٩)
القهقهة ضحك يكون بصوت بحيث يسمع من بعد، يقول ابن حجر رحمه الله: والضحك انبساط الوجه حتى تظهر الأسنان من السرور فإن كان بصوت وكان بحيث يسمع من بعد فهو القهقهة وإلا فهو الضحك وإن كان بلا صوت فهو التبسم، ولا يحث الإسلام على القهقهة، وكذلك كره رسول الله صلى الله عليه وسلم القهقهة والضحك الكثير، وقد روي نادرا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصوت، ومن وصاياه: اجتناب كثرة الضحك لئلا يموت القلب فيقول: وأقل الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب (رواه ابن ماجه ).
كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الحديث الذي يكون غرضه إضحاك الناس فيحتوي كذبا فيقول: ويل للذي يحدث بالتحديث ليضحك به القوم ويكذب ويل له! ويل له! ويل له! (رواه أبو داوود والترمذي ).