حددت الأمم المتحدة الإجراءات التي ينبغي أن تتخذها الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني في البلدان العربية لمواكبة التكنولوجيات التي تجتاح العالم بسرعة فائقة، محدثة تغييرات كبرى في أساليب العمل، والاستفادة القصوى منها لتحقيق التنمية المستدامة، وخفض مخاطر سوء استخدامها وما يمكن أن يرافقه من أضرار.
"وجاء في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 242/72 أ ن التغيير التكنولوجي السريع يمكن أن يؤدي إلى آثار بعيدة المدى على تحقيق التنمية المستدامة، وهذا يتطلب تعاونا بين أصحاب المصلحة للاستفادة من الفرص ومواجهة التحديات. وخلص تقرير الأمم المتحدة الذي صدر حديثا إلى ضرورة اعتماد نهج عمل متكامل في المشاركة والتنسيق في جميع مجالات عمل الأمم المتحدة".[1]
ويتطور الابتكار والتكنولوجيا بتسارع مطرد يؤثر باستمرار على حياة الأفراد. فمن انتشار الهواتف النقالة إلى علم الوراثة البشرية، هناك فرص جمة ومخاطر كبيرة.
ومع أن المجتمعات تُقبل بكثافة على التكنولوجيا في جميع أنحاء العالم على ما توفره بسهولة ويسر في الوصول إلى المعلومات، فهي تبدي قلقا متزايدا من قدرة التكنولوجيا والابتكار إيجاد بديل للإنسان العامل، والحد من حريته ومن إدمان الإنسان على التكنولوجيا، ومن تعريض أمن الاتصالات للخطر، والأفراد للعزلة الاجتماعية.
وللمرة الأولى في التاريخ، تتشارك في هذا القلق بلدان العالم على اختلاف مواقعها الجغرافية، ومداخيلها، وخصائصها الديموغرافية وثقافاتها وتمايز تقدمها.
وطال التقدم الذي أحدثته التكنولوجيات المزعزعة في جميع المجالات مثل: الهواتف الذكية، والطابعات ثلاثية الأبعاد، ووسائل التواصل الاجتماعي، والحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي، والتشغيل الآلي، والتكنولوجيات النانوية، والتعلم عبر الإنترنت، والاقتصاد الرقمي، وتكنولوجيات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، وتكنولوجيا توفير المياه والري، وإنتاج الأغذية، والمدن الذكية، وإنترنت الأشياء، وتكنولوجيات التخفيف من آثار تغير المناخ، والتكنولوجيات الحيوية وتكنولوجيا الفضاء والتكنولوجيا الطبية وغيرها.
وتشهد البلدان العربية تحولات كبرى في طريقة عيش الناس وعملهم واتصالهم ببعض ومن أسباب هذه التحولات:
الثورة التكنولوجية
والتي يمكن أن تسهم، إذا ما تحسن استخدامها، في توفير الحلول لتحديات الاستدامة في المنطقة، والاستجابة لأولوياتها ولا سيما إتاحة فرص إنمائية وإنتاجية غير مسبوقة ولابد من وضع توصيات في السياسات الإقليمية والوطنية لمواكبة هذه التحولات.
ويجب عدم إغفال آثار هذا التقدم التكنولوجي على المنطقة العربية في مجال السلام، وإعادة التأهيل، وإعادة الإعمار في البلدان المتضررة من النزاعات، والحوكمة الرشيدة، وإيجاد فرص عمل، والتفاعل الاجتماعي، وتنقل الأشخاص، والإنتاجية، والإدارة المستدامة للموارد الطبيعية، والأمن، والهويات الثقافية الوطنية.
وللتكنولوجيا والابتكار أثر كبير في التعامل مع التحديات الاقتصادية التي تواجهها المنطقة العربية، من التقنية، إلى فرص العمل التي تغيرت بسبب الأتمتة، وأهمية الحصول على رأس المال لريادة الأعمال في القطاعات الجديدة.
ومن المهم أن تعتمد حكومات المنطقة العربية والاسلامية خطط عمل وطنية وأخرى إقليمية للتعامل مع التكنولوجيات الجديدة البازغة وتبنيها فأثر الهندسة الوراثية، على سبيل المثال، سيكون مختلفا جدا عن أثر الإنترنت ولا يمكن التنبؤ بماهية هذا الأثر، ولا بزمن وقوعه وعلى البلدان، مهما اختلفت نظمها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، أن تنشئ منظومة متكاملة للابتكار، وأن تضع إطارا متماسكا للسياسات، يمكن من خلاله التخطيط للتكنولوجيا ورصدها منذ نشأتها في المختبر حتى وصولها إلى السوق، أو من مرحلة تصورها إلى مرحلة انتشارها وتطورها.
للحكومات دور هام جدا لدعوة أصحاب المصالح للمشاركة وبلورة التطبيقات، وتشجيع الاستخدام السليم للأدوات والتكنولوجيات التي تشكل ركائز النهضة التكنولوجية والثورة الصناعية لمصلحة المجتمع.
أما القطاع الخاص، فعليه تحقيقا أن يغتنم الفرص، ويقترح الحلول، ويبتكر التطبيقات، ويستثمر بذكاء ومسؤولية من أجل البقاء والاستمرارية.
وعلى المجتمع المدني أن ييسر التدريب المناسب، ويحرص على احترام المعايير الأخلاقية والمصلحة العامة، ويحذر من أي تجاوزات، ويستخدم التكنولوجيات على النحو الأمثل.
كما أن الشباب بمقدورهم فرض واقعهم إذا تسلحوا بالعلم ومواكبة التكنولوجيا وباستطاعتهم المطالبة بما يؤهلهم لتحقيق أولويات النهضة التكنولوجية وتحقيق أهدافهم وتغيير واقعهم وواقع المجتمع إلى الأفضل وبإمكانهم المطالبة سواء من القطاع العام أو القطاع الخاص أو المنظمات الدولية إذا برهنوا عن صدق أهليتهم وحقيقة قدراتهم واقعا وذلك لا يكون إلا بتوحيد جهودهم وطاقاتهم وجعل ما يتمتعون به من مهارات واقعا ملموسا وثقافة يكتسبها المجتمع الذي يعيشون فيه...
وقد أظهرت الأزمة الحالية تمايز البلدان بالتطور العلمي والتكنولوجي سواء بسرعة الحلول أم بوعي الشعوب أم باستخدام التقنيات التكنولوجية وسرعة إيجاد البدائل التقنية لحل المشكلات فتمايزت وبدت القوة الحقيقية بتفاوت فيما بينها.
وإذ برز الكثير من الشباب وكانوا يشكلون أملا لشعوبهم بمبادراتهم وصناعاتهم التكنولوجية كما حدث في عدد من البلدان العربية ومنها اليمن إذ كانت الأزمة كبيرة وثقيلة جدا ووضع البلد كارثي دون بنية تحتية أو أدنى مقومات الخدمات الصحية ولكن الحاجة أوجدت الهمة على قدر المهمة.
ونتاج ذلك شكل مجموعة من الشباب من طلاب جامعة تعز اليمنية وكانوا رمزا للأمل فقاموا باختراع جهاز تنفس اصطناعي وعندهم القدرة لصناعة 2-4 أجهزة في اليوم الواحد وهذا مثال فقط من الواقع ومن الاحتياج الضروري الذي أجبر الشباب على البحث عن حلول للمشكلة التي تمس أرواح الناس وهو إثبات أن الشباب بإمكانهم تبني التكنولوجيا وإيجاد الكثير من وسائل التسهيل والخدمات التكنولوجية التي من شأنها خدمة الأمة الاسلامية وإعادتها الى الصدارة وتحقيق النهضة وهكذا بدا دور الشباب مهما جدا في مواجهة الأزمات، فالأزمات تصنع الرجال.[2]