ترجمة: فريق مؤشر
على الصعيد العالمي، تشهد الاقتصادات ذات النظم الإيكولوجية الرشيقة والمجهزة بالبنية التحتية لدعم الابتكار في التكنولوجيا ثورة عصرية، لكي تستفيد الحكومات والشركات متعددة الجنسيات الممتدة على نطاق واسع والشركات الناشئة الجديدة من هذه الثورة؛ يجب أن تكون اللوائح وأنظمة الدعم المناسبة موجودة بالفعل، ويجب أن تكون حركة البيانات منخفضة التكلفة وذات مرونة.
لا يوجد مكان أكثر وضوحًا مما هو عليه في الشرق الأوسط، في عام (2016)، كانت (33٪) من الشركات في مستوى متقدم من الرقمنة وفقا لشركة (PwC)، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم إلى (72٪) بحلول عام (2020)، حيث أن مراكز البيانات قد تكون بمثابة مصافي الخليج الجديدة.
لكن ليس كل شيء سهل الإبحار، فلقد تأخر الشرق الأوسط عن الثورات الصناعية الأولى والثانية والثالثة، لذلك هذه المرة، يجب أن يكون على رأس المنحنى، هناك بعض العناصر المشتركة للنظم الإيكولوجية القوية لريادة الابتكار، منها ما يقع تحت سيطرة صناع السياسة، مثل الحد من البيروقراطية وتحويل الحكومة عبر الإنترنت، ومنها ما هو أقل اعتمادية على الحكومة، مثل التغييرات الاجتماعية التي تؤدي لقاعدة أكاديمية قوية، بالإضافة إلى تشجيع المزيد من تنوع المواهب وإشراك المزيد من النساء في القوى العاملة (لحسن الحظ في البحرين أكثر من 70٪ من المبرمجين من الإناث)، ولكن لا تقل أهمية هذه التغييرات عن الإجراءات اللازمة لإنشاء بيئة ريادية وتوفير وصول سهل إلى التمويل للشركات الناشئة.
تواجه منطقتنا تحديات، بما في ذلك المشكلات القديمة مثل الصعوبات في تسجيل الأعمال التجارية، والحمائية الوظيفية، والاستثمار المنخفض في البحث والتطوير.
في الشرق الأوسط، تنفق البلدان عمومًا أقل من 1٪ من ناتجها المحلي الإجمالي على البحث والتطوير، مقارنة بمتوسط الإنفاق في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية البالغ 2.5٪، ووفقًا لتقرير الاستراتيجية والشرق الأوسط، يمكن أن تحقق دول مجلس التعاون الخليجي نموًا بنسبة 2.2٪ عن طريق زيادة الإنفاق على البحث والتطوير بنسبة 1٪.
هناك مثبطات أخرى للابتكار، بما في ذلك الافتقار العام إلى المهارات والتدريب، سياسات التأشيرة المغلقة التي تقيد روح المبادرة، والعمليات الجمركية المعقدة. في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA)، تشكل التجارة داخل الإقليم (10%) من إجمالي التجارة، وهو أقل بكثير من المناطق الأخرى.
من ناحية أخرى، لدينا ميزة كبيرة بفضل ملفنا الديموغرافي الشبابي، يبلغ متوسط عمر المنطقة أقل من 30 عامًا، ويتواصل النمو السكاني القوي، لا يوجد بلد في دول مجلس التعاون الخليجي حيث يشكل الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن (25) عامًا يشكلون أقل من (30٪) من السكان.
هذا يجعل الثورة التكنولوجية ملائمة وعاجلة؛ ملائمة لأننا نمتلك شبابا موهوبين رقميًا مع أعلى مستويات انتشار للهواتف الذكية في العالم كما في البحرين والإمارات العربية المتحدة حيث يصل هناك عدد اشتراكات الهاتف إلى ضعف عدد الأشخاص، وعاجلة لأن المنطقة تعاني من ارتفاع معدلات بطالة الشباب (حوالي 30٪ في عديد من بلداننا).
فكيف يمكننا دعم الشركات الناشئة (Start-ups) وخلق الوظائف؟ يجب علينا تقليل نقاط التعثر حول التجارة الإلكترونية، نحتاج أيضًا إلى احتضان الخدمات المصرفية المفتوحة والتمويل الجماعي والعملات المشفرة، فضلاً عن التركيز على التدريب على المهارات والمهن الرقمية والبيانات، وقبل كل شيء، نحن بحاجة إلى تطوير النظم الإيكولوجية لريادة الأعمال للتوجه نحو السحابة (Cloud).
ومع ذلك، يعد الإنفاق السحابي في الشرق الأوسط "من بين أدنى المعدلات في العالم عند قياسه كنسبة مئوية من إجمالي الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات"، وفقًا لتقرير صادر عن شركة "جارتنر" الاستشارية للأبحاث. أحد أكبر المثبطات هي مشكلة سيادة البيانات، حيث تخشى الحكومات من خروج البيانات من صلاحياتها وتجتاز النطاق المخصص لها. وفقًا لذلك، أعلنت البحرين للتو قانونًا يعد الأول من نوعه، والذي يسمح للدول الأخرى "بإحضار صلاحياتها القانونية" إلى البحرين لتتمكن من التشارك معها لخزن بياناتها في السحابة.
كل هذا يخلق تربة خصبة لتوليد الشركات الناشئة، ولكن كيف يمكننا تشجيع هذه الشركات على الازدهار؟ يعد الحصول على التمويل أمرا بالغ الأهمية، بالإضافة إلى ترسخ ثقافة الإنفاق الحكومي والإعانات، غالبًا ما وزعت دول الخليج رؤوس أموالها في الخارج بدلاً من توزيعها في الداخل، وغالبًا في مجال العقارات وليس في التكنولوجيات الجديدة، لكن الاستثمار في التكنولوجيا هو الاستثمار الذي نحتاجه، وليس ما قامت به تلك الدول. وفقًا لذلك، أنشأت البحرين صندوق أموال الواحة للتمويل بقيمة (100) مليون دولار، تم تخصيص (45٪) منها بالفعل، حيث تمثل الشركات الناشئة (90٪) من الشركات في البحرين.
هناك علامات واعدة أخرى في جميع أنحاء المنطقة، إنه بالفعل موطن الشركات المبتدئة والشركات مثل (Careem) و(Talabat App). تقول (MENA Research Partners) إنها تتوقع أن يرتفع الاستثمار في شركات التكنولوجيا الفائقة في المنطقة من (150) مليون دولار إلى ملياري دولار، مع زيادة الاهتمام بالعروض الرقمية المقدمة من البنوك والمبادرات الحكومية، بما في ذلك برامج التسريع.
ومن الأمثلة على ذلك، التعميم (331) في لبنان الذي يشجع على استثمار (400) مليون دولار في الشركات الناشئة ويهدف إلى وقف هجرة الأدمغة اللبنانية. إذا استثمر البنك في شركة ناشئة، فإنه يفقد 25٪ فقط من استثماراته في حالة إفلاس الشركة الناشئة. وقد حفز هذا إنشاء صناديق (VC) جديدة ومسرعات، وكذلك نظام بيئي أوسع، وقد شجع حتى بعض المواهب التي فقدت للخارج للعودة إلى ديارهم.
جذبت الشركات الناشئة في الإمارات العربية المتحدة حوالي (400) مليون دولار من رأس المال الاستثماري في عام 2017، وفقًا لتقرير (MENA Venture Report). لقد عمل الأردن بجد لجعل نفسه وادي السيليكون في الشرق الأوسط، نظرًا لنموها السنوي المذهل في تكنولوجيا الاستثمار بنسبة (25٪)، شهدت ثقافة الشركة الناشئة عديدا من الشركات التي تعمل على تطوير تطبيقات جديدة، مثل (Abjjad) التي هي بمثابة فيسبوك عربي لقارئي الكتب و(Friendture) للتطبيقات الاجتماعية.
تريد المنطقة جذب الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI)؛ الذي ينمي تجمعات صناعية جديدة. فكر فيما حدث في مسقط رأس نوكيا،Espo في فنلندا بسبب وجود نوكيا، أصبحت (Espoo Innovation Garden) أكبر مجتمع للابتكار في منطقة الشمال.
في البحرين، نأمل أن يكون مركز البيانات الجديد الذي أنشأته (Region Amazon Web Services) (AWS) هو التحول التكتوني المكافئ لما حصل في فنلندا، اشترك ما يقرب من (2500) شخص في برامج التدريب (AWS Educate) في غضون بضعة أشهر، وهو معدل يتجاوز المعدل في الصين والهند، وهناك مزيد من الوظائف القادمة. قالت أمازون إنها تقدر أن صناعة السحابة في الشرق الأوسط ستحتاج إلى (10000) عالم بيانات.
يمكن أن يكون هذا مخططا للمنطقة بأكملها؟ نحن نأمل ذلك. وباعتبارها "بوابة إلى الخليج"، تلتزم البحرين بتعزيز النظم الإيكولوجية الديناميكية التي تتيح للشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الفرصة للتوسع على الصعيدين الإقليمي والدولي، في المنتدى الاقتصادي العالمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في أبريل، ستجتمع أفضل 100 شركة عربية في الأردن.
لقد حان الوقت لبلدان منطقتنا للدفع بقوة أكبر في طريقها من اقتصادات الكربون إلى اقتصادات المعرفة، الشركات الناشئة هي مفتاح الرحلة.