يذكرنا الأستاذ يوسف القرضاوي مدير مركز بحوث السنة والسيرة في جامعة قطر من خلال ما دونه في مقاله في مجلة دراسات القدس الإسلامية شتاء (1997) بمجموعة أحداث متسلسلة كانت سبباً في تهويد القدس (مدينة بيت المقدس) وهي كالتالي:
- مؤتمر بال الصهيوني بسويسرا عام 1897م.
- وعد بلفور 1917م.
- قرار تقسيم فلسطين 1948م الذي مهد لقيام دولة الكيان الصهيوني.
- احتلال القدس والضفة الغربية عام 1967م.
- آخرها زيارة الرئيس المصري أنور السادات إلى إسرائيل.
يرى الدكتور يوسف القرضاوي "إن القدس (مدينة بيت المقدس) في الاعتقاد الديني الإسلامي لها مكانة دينية مرموقة اتفق عليها المسلمون بجميع طوائفهم ومذاهبهم وتوجهاتهم، فكان إجماع الأمة كلها من أقصاها الى أقصاها على ذلك، وإن وجوب الدفاع عن القدس (مدينة بيت المقدس)والغيرة عليها والذود عن حماها وحرماتها ومقدساتها مسؤولية كل مسلم. بل وبذل النفس والنفيس في سبيل حمايتها ورد المعتدين عليها".
ثم تطرق الى مسألة الخلاف حول عروبة القدس فقال: "وكذلك أيضا جميع المسلمين والعرب والفلسطينيين لم يختلفوا حول عروبة القدس (مدينة بيت المقدس) وإسلاميتها وضرورة بقاءها عربية إسلامية، فهي تمثل في حس المسلمين ووعيهم الإسلامي:
- القبلة الأولى.
- أرض الإسراء والمعراج.
- ثالث المدن المعظمة.
- أرض النبوات والبركات.
- أرض الرباط والجهاد".
القبلة الأولى
أشار الدكتور القرضاوي إلى أن القدس (مدينة بيت المقدس) كانت القبلة الأولى التي توجه إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في صلاتهم، منذ فرضت الصلاة ليلة الإسراء والمعراج في السنة العاشرة من البعثة المحمدية، حتى نزل القرآن يأمرهم بالتوجه إلى الكعبة (المسجد الحرام).
أرض الإسراء والمعراج
بين لنا د. القرضاوي أن الله جعل القدس (مدينة بيت المقدس) منتهى رحلة الإسراء الأرضية وبداية رحلة المعراج السماوية، ويرى في هذه الرحلة إشارة إلى إعلان انتقال القيادة الدينية للعالم من بني إسرائيل إلى أمة جديدة ورسول جديد وكتاب جديد،كما تطرق الأستاذ إلى رموز ودلالات توحي بثمرات هذه الرحلة، وتدل على أهمية المكان.
ثالث المدن المعظمة
عدّد لنا د. القرضاوي المدن المعظمة في الإسلام وهي كالتالي:
المدينة الأولى: مكة المكرمة (شرّفت بالمسجد الحرام).
المدينة الثانية: المدينة المنورة"طيبة" (شرّفت بالمسجد النبوي وقبر الرسول صلى الله عليه وسلم).
المدينة الثالثة: القدس"مدينة بيت المقدس" (شرّفت بالمسجد الأقصى).
وأشار إلى الحديث الشريف: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى).
أرض النبوات والبركات
يبين الدكتور أن هذه الأرض ذكرت في كتاب الله في خمسة مواضع على أنها أرض البركة، وقام بذكر هذه الآيات الكريمات.
أرض الرباط والجهاد
يشير إلى أن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن فضل الصلاة في المسجد الأقصى، من المبشرات إلى أن القدس (بيت المقدس) سيفتحها الإسلام. وسيشدون الرحال إلى مسجدها. ثم بيّن لنا أنها فعلا قد فتحت في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأشار إلى أن الله تعالى أعلم نبيه بأن هذه الأرض المقدسة سيحتلها الأعداء ويهددونها بالغزو لهذا حرض أمته على الرباط فيها والجهاد للدفاع عنها و تحريرها إذا قدر لها أن تسقط.
أسباب المعركة بين المسلمين واليهود
يوضح الدكتور القرضاوي إلى أن هناك غموض في أذهان الناس حول أسباب المعركة بين المسلمين واليهود و حقيقتها، فالبعض يعتقد أن المعركة من أجل العقيدة، وبين أنها نظرة خاطئة، لأن الإسلام يعتبر أن اليهود أهل كتاب، فقال عنهم أن الإسلام :"يبيح مصاهرتهم، وقد عاشوا قروناً بين ظهراني المسلمين".
ولكن الواقع بحسبه أن هناك سبب واحد لا شريك له، فذكره :"وهو أنهم اغتصبوا أرض الإسلام "أرض فلسطين" وشردوا أهل الدار الأصليين وفرضوا وجودهم بالحديد والنار والعنف والدم".
لكنه يعقب أن هذه المعركة تأخذ طابعاً دينياً، فالمسلم عندما يدافع عن حقه ضد الظلم والباطل فهو يقاتل في سبيل الله. كما يبين أن الإسلام: "يوجب على المسلمين التضامن والدفاع عن أرض الإسلام"، ويعتبر هذا من أقدس أنواع الجهاد.
كما أكد الشيخ القرضاوي أن"المسلمين دعاة للسلام، لكنهم يخوضون الحرب للدفاع عن أنفسهم وكيانهم".
تبقى القدس (مدينة بيت المقدس)عربية إسلامية وليس لليهود فيها أي حق، وكل ما يدعونه خرافة
ووهم، مستغلين في خططهم ضعف العرب وتفرقهم، ومستعينين في ذلك على قوة الاستعمار وتحريفهم في أسفارهم.
يختم الشيخ القرضاوي إن قضية القدس هي قضية عربية إسلامية، ويرفض من يدعي أنها مسؤولية الفلسطينيين وحدهم فقال: "القدس شأن الأمة الإسلامية من مشارق الأرض ومغاربها."