تنظيم مكان العمل في حياة الباحث دافع للإنجاز والراحة في الأداء، وسواء أكانت المكتبة ورقية أو إلكترونية فإنها كلما كانت منظمة يسرت للباحث العمل ودفعت عنه العناء، ورب ساعات ضاعت في البحث عن شيء يمكن الوصول إليه في دقائق، أو تكرار عمل منجز نُسي بالإهمال، وكم من مهمل التنظيم بدعوى ضيق الوقت ثم يضيع ضعف ذلك بسبب عدم التنظيم.
والتنظيم الذي نتحدث عنه لا يقتصر على تنظيم الأشياء من حولنا بل هو أيضا تنظيم الأفكار، والأعمال، والأولويات، وفقه المراحل، وإعطاء كل ذي حق حقه.
والفوضى وبعثرة الأشياء تقتل معاني العطاء، ومن لم يحسن إدارة الوقت يصعب عليه إدارة شيء آخر، والوقت إذا لم نحسن استخدامه فإنه يستخدمنا، وإذا أسأنا استثماره فإنه يستثمرنا، والعقلاء يرون الأنفاس جواهر، والتنظيم ملهم للعمل والمزيد من العطاء ويقدر ذلك بمدى الانضباط بالزمن الموضوع لتحقيق الأهداف، وهناك عشرات الكتب المؤلفة في إدارة وتنظيم الوقت تصلح أن تكون هاديا لمن وجد عتمة في الطريق.
والتاريخ شاهد على أن من حفظوا أوقاتهم ونظموا أعمالهم تركوا آثارا لمن بعدهم وصعدوا بأعمالهم مراقي الصعود، ومن أحسن ما قرأت في ذلك كتاب "قيمة الزمن عند العلماء" وقد كان السلف يقولون "من علامات المقت إضاعة الوقت" وعند رب العالمين أحب الأعمال إليه تلك التي تكون منضبطة بطمأنينة وفي وقتها، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال "الصلاة على وقتها" ولك أن تدلو بدلوك وتعلمنا بٱثار التنظيم وأداء العمل في وقته، وسنجد "عند جهينة الخبر اليقين" ولا حرج أن تتوقف يوما وتقلب النظر لتستفيد من أيامك، ورُب بخيل بيوم أضاع أياما، فانهض ولا تك من المسوفين، ومن لا يحترم وقته لا يحترم نفسه، والشكوى من ضيق الوقت خرافة يعلق عليها الفاشلون فشلهم، وهي شكوى سببها سوء التنظيم وغياب التخطيط!