يعيش مسلمُو الهند في كرب عظيم منذ حَكم ناريندرا مودي، وقد شرّع حزبه برنامجا جديدا لتخريج المسلمين من الهند باسم "سجل الجنسيّة" والمعلوم أنّ أكثر الهندوسيين ليس لهم كراهية تُجاه المسلمين، لأنّ الهند هي المنطقة التي عاش فيها الهندوس مع المسلمين لأكثر من عشرة قرون وكذلك عاش الهندوس سعداء تحت حكم أمراء المسلمين قبل سيطرة الاتحاد البريطاني.
مضت الأيّام و تبدلت الأحوال، حتى قرر حزب بي جي بي الذي يحكم الهند "أن هذا البلد سيكون وطنا هندوسيّا" والحقيقة أن هذا الأمر صعب جدا، لأن كثير من الهندوس أيضا لايتبعون الهندوسية خوفا من إعادة النظام الطبقي، والملاحظ أن حزب مودي يسلك المسلك الذي سلكه هتلر للإبادة الجماعية لليهود، أوّلا صنع هتلر عدوا عاما، وشجع الناس لمحاربته، وفي حالة الهند كانت فئة المسلمين للأسف هي الفئة المستهدفة.
ويدرك بي جي بي أن صنع عدو عام ليس أمرا سهلا كحلب الشاة، بل يحتاج إلى برنامج دقيق، فاتهم المسلمين في كل شيء؛ اتهمهم في حبهم للوطن: لم تكن بطاقة الهوية الوطنيّة كافية لهم بل احتاجوا إلى عرض حبهم الوطني في كلّ مجال، وإن أخطأ مسلم واحد صار الخطأ مسؤولية كل المسلمين ، وهوجم المسلمون في الأسواق بسبب لحيتهم، واغتُصبت المسلمات بسبب دينهن، وأطلق المجرمون وكثرت الجرائم.
والحقيقة أن الحق لا يولدُ العداوة، ولذلك انتقلوا إلى الأكاذيب، كذبوا كما كذب هتلر على اليهود، ممّا أثار البلبلة في أذهان الناس، وادّعوا بأن "النساء المسلمات مظلومات بسبب الطلاق" فأبطل قانون الطلاق وسجن الرجال الذين طلقوا نساءهم، وأيضا اِدّعوا أن مسجد "بابري" الذي شُيّد منذ أكثر من أربعمئة سنة هو مكان مولد أحد آلهة الهندوس، فهدم المسجد وبني الهيكل مكانه، وكذبوا حين قالوا أن المسلمين إرهابيون، فسُجن الشباب واعتقلوا من غير دلائل، وكذبوا في زعم إعطاء الحريّة لأهل كشمير، وأغلقت أبواب كشمير وصارت سجنا!
لقد أصبح القتل الجماعي حادثة معتادة، إذا مشى أحد مرتديا عمامة أو قلنسوة فهو مهدّد أن يُقتَل متهما بأكل لحم البقرة ، وبهذا يكون المقتول مجرما لأكله اللحم والقاتلون هم الأخيار! وهذا ليس اِستثنائيا في الهند لأن البيانات تشهد أن معظم المقتولين "مجرمون" حيث رفعت الشرطة أحكاما عليهم بعد موتهم، فماذا يفعل الناس إذا كان الحارسون هم السارقين أنفسهم!
والشغب أيضا من الأدوات التي يستعملها بي جي بي، حيث لم يتمّ الإبلاغ عن قضايا القتل الجماعي، وقتل أكثر من خمسين شخصا في الشغب الذي وقع في عاصمة الهند منذ عهد قريب، ولم تعتقل الشرطة المجرمين وإن توفّرت البيّنات الواضحة كالفيديو والصور وغيرها، كما تم تسجيل فيديُو يعرض الأعمال الوحشية التي تمارسها الشرطة ضد المسلمين، حتى أنهم أكرهوهم ليردّدوا "جي شريرام" (ترتيلة الهندوس).
ومن الأكاذيب التي اختلقها بي جي بي ليصنع عدوا عاما "أن المسلمين يحبون البنات الهندوسيات ويحولونهن إلى الإسلام" وسموه "الجهاد" وتبعا لهذه الأكاذيب قدم البعض قانونا لتحريم هذا "الجهاد" فحُبس المسلمون وقتلوا بأيادي غوغاء، ومؤخرا، خطب أحد مطران الهند من منبر الكنيسة "إياكم من جهاد ناركوتيك" وكان يشير إلى اِعتقال الرجال المسلمين مع النساء النصرانيات في قضية تعاطي المخدرات، وكثرت المناظرات في دعوة المطران، وساند بي جي بي المطران عقب ادعاءاته.
وهذه الحادثة تدل على أن محاولة بي جي بي لصنع العدو العام قد أثّرت في المسيحيين أيضا، وبلغت الإسلاموفوبيا ذُروتها في الهند، فصار المسلمون يعيشون في ظل الرعب وروايات القتل والظلم، وهذا يختلف جذريا عن إسلاموفوبيا أوروبا، بمعناه السياسي الذي يشجع الحكام على بث العداوة ضد المسلمين، فلا غرابة أن يتم إطلاق سراح المغتصبين واعتقال المسلمين بتُهمة "الجهاد".