هي تلك الحالة الإنسانية الفريدة من نوعها ما بعد الحرب الباردة وصعود بل توجيه ما لفكر التحرر الكامل ونسف الموروث الثقافي القديم والبحث عن حلول غير تقليدية لواقع ليس قديم بل واقع يتصف بكونه المستقبل، فقط في أعين أصحابه.
حينما يكون الطموح هو ربطة عنق فأعلم أنك خلقت الفشل مسبقا، حينما يكون الطموح أجيال لا تخلق قيمة مضافة حقيقية بل تنتظر فتات من بقايا الوهم الإنتاجي فأبشر إنك من الفاشلين.
لتكون الصورة أوضح فإن أبرز ما يميز هذا القرن ومنذ 30 سنة هو التحول القيمي في مسألة خلق الثروة، وهنا برزت مدرستان وكان صوت المدرسة الليبرالية القصة أكثر وقعا ولم تكن مارغريت تاتشير التي حققت هدفين بضربة واحدة مجرد صورة لعرابة الليبرالية الحديثة حيث تمكنت من تحقيق كسب سياسي ضد النقابات العمالية وكسب تعتبره هي ومن يحوم في فلكها الفكري الحل الأمثل، وهو أن يكون الإقتصاد خدماتيا فقط وتقليص الصناعة أو توجيهها نحو دول ذات المقدرة الإنتاجية الأقل كلفة، وأن تكون الكلمة العليا للبنوك والمضاربة، فتكون الدولة عبارة عن سوق مضاربة كبير ولكن رويدا رويدا يمتثل لصاحب القرار ألا وهو المال المنتج من المال.
المستقبل الذي انطلق منذ زمن لن يكون فيه مكان للدولة الراعية، بل المستقبل في يد المنتجين الحقيقيين والفاعلين والمبدعين فقط.
نفس المنهج اتخذته فرنسا بقدر كبير، وبقدر أقل الولايات المتحدة نظرا لاحتياجاتها العسكرية والطاقية، بينما بقيت دول أخرى بمنئ عن هذه المدرسة واتخذت مدرسة أخرى معاكسة تماما وعلى سبيل المثال لا الحصر ألمانيا التي أثبتت بعد عقدين أن مدرستها كانت الأفضل خيارا وأن إنتاج الثروة بدون إنتاج حقيقي ملموس سيدمرك آجلا أم عاجل.
لذلك فإن الهدف الأساسي من هذه المقدمة أنّ على الشباب العربي الذي اندرج بطبعه في العولمة أن ينتقد ويطور آليات العولمة، فهي رغم أهميتها القصوى لا تخلو من إخفاقات ونقائص، فعولمة رأس المال غير عولمة القدرات البشرية، وفلسفة المالية الحديثة تتخبط في البحث عن مخرج غير مكلف وتحقيق أفضل ربح ممكن.
علينا أن نستوعب من خلال نموذج Apple حيث يمثل دخل الشركة الناتج القومي الخام ل183 دولة ويمثل أيضا 1% الناتج القومي الخام للولايات المتحدة الأمريكية، أن المستقبل الذي إنطلق منذ زمن لن يكون فيه مكان للدولة الراعية بل المستقبل في يد المنتجين الحقيقيين والفاعلين والمبدعين فقط.