بعيدا عن سلوك المقاومة منذ مبادرتها في السابع من أكتوبر، أستغرب ممن يتجاهلون حتمية الصدام مع العدو بإعداد أو بدون، ولأجل تفادي الصدام كان ولا يزال ينبغي علينا التفريط فيما تبقى من الحق والأرض لصالح المشروع الاستيطاني الصهيوني الذي قرر أن يواجه مخاطر انحداره عبر التهجير.
التهجير الذي لم يكن رد فعل الصهيوني على الطوفان بل كان يمارسه حقيقة على أرض الواقع، لدرجة اعتادها الفلسطيني الذي يحترق لخذلان العالم له، بينما بعض النخب كانت تتعامى عن تهجير قرى النقب ومحيط القدس والخليل والتوسع الاستيطاني في الضفة.
ما بت مقتنعا به بأن الثمن الكبير الذي تدفعه غزة الآن ليس فقط ثمن وقف قطار المشروع الصهيوني وتبديد حلمه بشراء بعض الوقت لدولته المصطنعة على أرضنا. بل هو ثمن تراكم أزمات سياسية؛ أوسلو تحتل النصيب الأكبر منها، ولن أكذب على نفسي كما يفعل البعض وأتجاهل أزمة الانقسام السياسي ولتحملوا من تريدون مسؤوليته، وثمن جبن وضعف وفوقها جهل الكثيرين وانسياقهم خلف وهم القوة والهيمنة والردع الصهيوني.
من قال أن جيش العدو لا يستطيع إن قرر أن يصل إلى عمق غزة؟
نعم يستطيع، ولكن كان عليه أن يدفع ثمنا باهظا جدا لذلك وهذا ما تفعله المقاومة اليوم ويفعله المواطن الذي يهرب من الموت ولا يدري أنه يهرب من مستحيل النجاة إلى معجزة التحرر.
أكثر من سنة لم تمنح غزة العدو فرصة تحقيق إرادته المدفوعة بالتهديد الوجودي بمعنى أنه لا يملك خيارا آخر دون طحن غزة وتهجير سكانها.
هذا الذي كان قبل الطوفان خطة يتم هندستها، تحولت إلى رد فعل عشوائي ومتخبط، لا نزال ندفع ثمنه من دمائنا لكن وبواقعية محبي الكيان هذه الحرب تثبت عبثيتها وتشتت غاياتها.
وأهم عوامل هذا التشتت:
- أولا: صمود الناس في الأرض.
- ثانيا: بسالة المقاومة ورباطة جأشها منذ الطوفان.
- ثالثا: جبهات الإسناد التي قد يرى البعض أنها لم تقدم كل ما لديها لكنها على الأقل قدمت شيئا وأسست لمرحلة جديدة في ربط الساحات.
- رابعا: أبطال الضفة وثوارها الذين لا يكلوا في مواجهة العدو.
ومن يساوره الشك أو يغلبه اليأس حول نتائج هذه الحرب فلنا وإياه الوقت، ولم يعد ذلك عنا ببعيد. ليست وهما ولا نبوءات بل هو واقع حتمي يهرب منه الكثيرون هروبهم من المواجهة ويستقبله الواثقون بصوابية نهجهم بإيمان تام بالفوز العظيم.