من العادة أن تكثر العديد من المحاضرات والدورات للمشايخ والأئمة والدعاة حول كيف نستعد لرمضان؟ كيف نستقبل رمضان؟ ومؤخرًا أصبح الحديث عن كيف نزيد من الإنتاجية؟ باعتبار أن رمضان عمليًا هو شهر الاجازة والعطل وتقليص ساعات العمل وغيرها. ولدينا مشكلة أخرى مع هذا الشهر الفضيل كمسلمين عامة، في ظل تأثر أجواء الشهر الفضيل بالماديات وتحوله إلى ما يسمى بسوق المناسبة الأكبر لدى المسلمين في الاستهلاك وارتفاع المبيعات، ولدى وسائل الإعلام والمؤسسات عندنا يعتبر السوق الأهم في العوائد المالية من حيث الاعلانات والصناعات الغذائية والألبسة والمواد المرئية كذلك. هذا ما جعلني أبحث عن كيفية استثمار أصل رمضان وما يحمله من عبر ودروس للاستفادة منه بشكل دائم.
إن التخطيط لرمضان يعتبر محطة أساسية وهامة للمسلم، من حيث التعبد والتقرب الى الله واغتنام الميزات الإيمانية التي يتحلى بها هذا الشهر الفضيل، وليلة القدر وحدها كفيلة بأن يستثمر أهم شهر في حياته، ومثلما هو معروف فهي تعادل ألف شهرٍ من العبادة، أي 83 عامًا وأربع أشهر.
والأحاديث والشواهد في فضل هذا الشهر كثيرة ولعل أهمها هو حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها، وكان إذا دخل العشر أيقظ أهله وشد مئزره. رواه البخاري ومسلم. وفي هذا الحديث، تصف أمنا عائشة رضي الله عنها كيف كان سلوك النبي محمد صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من شهر رمضان. النبي صلى الله عليه وسلم كان يزيد جهوده في الطاعات والعبادات خلال هذه الفترة مقارنة ببقية أجزاء الشهر. كما يذكر الحديث أنه كان يُوقظ أهله ليُشاركوه العبادة والطاعة وكان يشد مئزره، مما يعكس تفانيه وجدية في العبادة.
وكذلك في فضل ليلة القدر، يُحذر النبي صلى الله عليه وسلم من الغفلة عن هذه الليلة وإهمال إحيائها، فيحرم المسلم من خيرها وثوابها، فيقول لأصحابه، وقد أظلّهم شهر رمضان: “إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِمَها فقد حُرِم الخيرَ كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم” (رواه ابن ماجه من حديث أنس).
وعند بحثي عن كيف نُخطط لما بعد رمضان؟ وجدت أن أغلب الشهور في التقويم الهجري فيها الكثير من المحطات الايمانية التي تعزز تعبد وتذلل المؤمن لله، فكل شهر به ما يسمى صيام الأيام البيض، ولنا أربع شهر حرم فيها فضائل كبرى وذكرت في القرآن الكريم مثلما ورد، قال الله تعالى: " إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ، وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ" (التوبة:36)، وعن أبي بكرة _رضي الله عنه_ أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ خطب في حَجِّتِه، فقال:" ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر بين جمادى وشعبان"، الحديث متفق عليه.
وقبل أن أتوجه إلى ما بعد رمضان، تحدث الدكتور عبدالرزاق مقري من خلال سلسلته أفضل الطاعات، عن الصيام وهي عبادة عظيمة فيها الكثير من الفوائد السلوكية وحتى الفلسفية المعرفية في مواجهة النظام الرأسمالي والنمط الغربي تجاه الفرد والمجتمعات، لمن تدبر في ذلك، وتحدث عن قيام الليل وعظم هذه الشعيرة التعبدية في تعويد النفس على القيام ومجاهدتها ومقاومة اغراءتها التي لا تتوقف ولعل هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه "يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يقولُ: مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له؟ مَن يَسْأَلُنِي فأُعْطِيَهُ؟ مَن يَستَغْفِرُني فأغْفِرَ له؟، أما العبادة الثالثة فخصّها بتلاوة وتدبر القرآن الكريم، ويقول دومًا في ظلال التغيير الذي ننشده لأنفسنا فرادى وجماعة، ومن مقاصد الانشغال بالقرآن في شهر رمضان أن يليّن المقبل عليه قلبَه، ويداوي نفسه، ويعرض حاله في سنة خلت، من رمضان إلى رمضان، على آيات القرآن الكريم وأحكامه وتوجيهاته، ليقيّم أعماله فيشكر الله ويحمده على ما كان منه من خير، ويتوب إلى بارئه على ما وجد من تقصير وتفريط، ويعزم على أن يعيش في رحاب القرآن الكريم بعد شهر رمضان. أما الطاعة الرابعة فهي الصدقة وزكاة الفطر وما لهما من مقصد عظيم في تشييد النظام التكافلي للمجتمع المسلم.
نأتي الآن إلى كيف نغتنم زاد رمضان لباقي الشهور؟
القاعدة الأولى: الهدف الرئيسي هو التغير نحو الأفضل لما بعد رمضان!
الحرص على الهدف الرئيسي هو الذي يمنحنا كيفية القيام بذلك، وهو أن المؤمن بعد رمضان يجب أن يكون أفضل حالاً في ايمانه وسلوكه لما قبل رمضان، وهذا الشهر الفضيل هو فرصة لتحقيق ذلك، ويجب أن يكون أثره واضحًا لما بعده مباشرة والمؤمن دومًا يشتغل من أجل أن يكون في حال أفضل.
يقول د. طارق السويدان في محاضرته حول كيف نحقق التغيير في أنفسنا من خلال رمضان؟ المطلوب أن المعادلة تكون كالتالي: إذا كنا هنا (ويشير بيده إلى أعلى متوسط) وسنرتفع لمكان محدد أعلى فنرجع بعد رمضان لنكون أعلى مما كنا عليه قبل رمضان، فليس المطلوب أن نحافظ على نفس المستوى الذي وصلنا إليه في رمضان، فهذا غير ممكن في الغالب، لكن لو استطعنا أن نتقدم في إيماننا وعبادتنا خطوة، فبعد رمضان نصبح أفضل وهذه هي الفكرة التي أريد أن أطرحها.
ويقول كذلك د. عبد الرزاق مقري في سلسلته أفضل الطاعات كذلك عن مسألة التغيير: إن شهر رمضان هو شهر يُربي ويدرب بتغيير العادات السيئة وتشكيل عادات طيبة أساسية بديلة، ولأن قيام الليل هو شرف المؤمن ودرب الصالحين ولا ينتبه إليه إلا ثلة قليلة من المؤمنين ولا يتذوق حلاوته ولا يرى أثره في القلب والجوارح إلا نزْر قليل من عباد الله الصالحين، أراد الله تعالى أن ينبه إليه كل مؤمن ويعمّمه في شهر رمضان على المسلمين بجعله الظاهرة الدينية الاجتماعية الأبرز في ليالي رمضان في صلاة التراويح، فلعل من رواد المساجد في تلك الساعة الممتعة المفيدة المؤنسة بعد الإفطار من يتعلق قلبه بها فيُؤنِس سويعة من لياليه بمثلها بين الحين والحين في سائر الشهور.
التغير نحو الأفضل يمكن أن يكون في ثلاث اتجاهات رئيسية:
- ادارة العلاقة مع الله وهو الجانب التعبدي.
- ادارة الذات والنفس وهو الجانب الشخصي وإدارة الوقت بالخصوص.
- ادارة العلاقة مع الآخرين والحياة وكيفية فهم دروس رمضان في مواجهة مشكلات العصر الكبرى!
القاعدة الثانية: خير الأعمال أدومها وإن قلّ
حتى نعيش التغير النفسي لما بعد رمضان يجب أن ندرك أن الأجواء الروحانية والإيمانية التي نعيشها في رمضان، كفرد أو مجتمع في العائلة أو الحي أو المدينة من الصعب أن تتكرر في شهور أخرى غيره، وقد اختصه الله بالكثير من العبادات والثواب الذي تفرد به عن غيره كذلك، ولذلك فاستمرار العبد المؤمن بنفس المستوى الإيماني يصعب بعد ذلك، ولهذا يجب أن يركز المؤمن على سلوك أو مجموعات سلوكيات تعبدية ليداوم عليها لما بعد رمضان مثل الصلاة في المسجد لمن لا يصلي بالمسجد (خصوصًا صلاتي الفجر والعشاء) لما لهما اشارة للمنافقين لمن يضيع أوقاتهما.
ضع هذه القاعدة في ذهنك دائماً خاصة بعد شهر رمضان المبارك، حيث روت السيدة عائشة رضي الله عنها حيث قالت: سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمَالِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ وقَالَ: اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ.
إن استثمار زاد رمضان لما بعده، لا يقتصدر على الشهر الذي وصف بأيام معدوداتٍ، بل يتعدى كذلك إلى مناسبة عظيمة لدى المسلمين وهي عيد الفطر الذي يرتبط ارتباطًا مباشرًا برمضان، حيث يأتي تتويجًا لشهر مليئ بالعبادة، وفيه يفرح المؤمنون بالانجاز الكبير، وقال تعالى"قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ" سورة الرعد. ومثلما نسعد كثيرًا بالانجاز وتحقيق الهدف في خطتنا ضمن أعمالنا الخاصة، حُق للمؤمن أن يفرح بانجازه في رمضان يوم العيد وأن يهنئ غيره بذلك. "قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ" من سورة يونس.
وهذه القاعدة الرئيسية، خير الأعمال أدومها وإن قلّ، يمكن أن نطبقها في:
الشعائر والعبادات من خلال الاهتمام بـ
- الصيام والتدرج في الالتزام به ما استطعنا إليه يومي الاثنين والخميس مثلاً. ولنا في 6 أيام من شوال كذلك فرصة وسانحة للاستمرار لما بعد رمضان في التعود عليه.
- الالتزام مثلما ذكرنا بالصلاة في المسجد، والحمدلله أن المساجد في رمضان تزداد عددًا، مثل صلاة الفجر وباقي الصلوات.
- الذكر وقراءة القرآن الكريم ومحاولة التعايش الدائم مع الآيات والسّور تلاوة وحفظًا وتدبرًا وتأملاً.
- قيام الليل والحرص على هذه العبادة العظيمة مثلما ذكرناه قبل قليل ولو مرة واحدة في الأسبوع.
- زكاة الفطر والاهتمام بالفقراء والمحتاجين بشكل مستمر وتنظيم هذا العمل من خلال الجمعيات والمنظمات المتخصصة في ذلك. كما ان فرضها على الجميع تعلمنا العدل في منحة العطاء، وأن المسلم مهما كانت حالته في الغنى والفقر يستشعر معنى العطاء لغيره المحتاج.
وفي جانب إدارة النفس والذات
- الإمتناع ومقاومة الشهوة والرغبات وحصرها والقدرة على كبحها لمدة شهر بالكامل، وفي علم النفس أن أي عادة يمكنك القيام بها ذاتيًا لو تلتزم بها لمدة 21 يومًا. ونحن في رمضان نعتاد يوميًا على برنامج دائم لمدة 29 أو 30 يومًا.
- التركيز في الأعمال والوصول إلى أهداف كبرى، لعلّ من خصائص رمضان هو التركيز الكبير على العبادة وأحد الدروس التي نستنبطها من حديث عائشة في وصف النبي صلى الله عليه وسلم مع العشر الأواخر "أيقظ أهله وشد مئزره" وقراءة القرآن الكريم وقيام الليل كاملاً من صلاة المغرب إلى صلاة الفجر.
- الالتزام ببرنامج ثابت ودائم لمدة محددة، وكأننا في تربص أو مخيم يجمع بين الواجبات الفردية والجماعية للمسلم، كما أنه يجعل هذا البرنامج في مواجهة نمط حياة غربي أتى على الأخضر واليابس في عصر ما يسمى بالحداثة وما بعد الحداثة، من دون شعور وجدنا أنفسنا نسلك مسالك ليست من هويتنا ولا عاداتنا، فيأتي رمضان ليعيد هذه البوصلة من خلال الفرض والإلزام وليس الخيار مثلما هو متاح في باقي الشهور.
في المعاملات وتماسك المجتمع
- الصدقة والارتباط بالمحتاجين والتخفيف عنهم. أي نحاول أن نواضب على الصدقة باستمرار.
- التسامح وطلب العفو والصفح بين الأقارب والأصدقاء والمعارف، وهي أن نلتفت إلى صفاء القلوب لقوله تعالى (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) سورة الشعراء.
- تقديم التهاني والتبريكات لمن أنجز مثل مكافأة الصغار بالهدايا عند تحقيقهم للمنجزات وتحفيزهم.
- التجمل إن الله جميل يحب الجمال وعلى المسلم دومًا أن يكون مهذبًا في خلقه (شكله) وخلقه (باطنه). وهذا ما نحرص عليه في العيد، فليكن كذلك في أوقات خارج العيد.
- الاهتمام بالأمة وهذا ما نجده في صلاة الجماعة ووحدة الصيام ووحدة الفرحة في العيد. الاسلام يأمرنا أن نهتم بإخواننا في كل مكان والسؤال عنهم والاهتمام بأحوالهم.
ادارة الوقت والالتزام بنظام حياة متوازن بين العبادة والعمل
ومن دروس رمضان المرتبطة بحياة المسلم هي الاهتمام بإدارة الوقت، لأن يومية رمضان مرتبطة كثيرًا بالعبادات، عمق هذا البرنامج اليومي هو الصلاة والذّكر، ولعلنا خارج رمضان لا نشتغل على التقويم اليومي للصلاة حيث نراعي ساعة العمل وساعات الترفيه مثل المباريات والأفلام للناس العاديين على حساب الأهم وهو العلاقة مع رب العالمين، والجانب الثاني من إدارة الوقت هو أن حياتنا أصبحت رهينة التقويم الميلادي، ولذلك نجد أنفسنا في أحيان كثيرة نتفاجأ لقرب موعد مناسبة دينية لأننا لا نستحضرها في الحساب الزمني للأيام والشهور والفصول.
في الحقيقة، رمضان فرصة لكي نعود إلى أصل وجودنا في هذه الحياة ونراعي الأيام العظيمة في هذا التقويم ونهتم كذلك بالسنن المهجورة التي وردت في السيرة وبتحري الأيام المباركات ومحاولة الالتزام بالبكور في العمل وعدم النوم بعد صلاة الفجر والنوم باكرًا بعد صلاة العشاء.
مشكلة الوقت في حياتنا اليومية هو التوازن بين العبادة والعمل، وتاثير ذلك على الانتاجية والإنجاز، ولعل هذا الأمر أيسر للعامل الحر مقارنة بالموظف، ويمكن التعود على بعض الجوانب مثل تخصيص وقت للطاعات بشكل متدرج ويومي في الذكر وقراءة القرآن وزيادة النوافل. وهنا أطرح مشهدًا بعيدًا مرتبط بالحياة وكيف تعامل الناس مع كورونا في نمط العيش؟ الكثير من التقارير كانت تزرع الرعب في مسألة قلة الإمداد والحجر الصحي وأزمة الحبوب والمواد الأساسية وانتشار الفيروس، هل يمكن للبشرية أن تعيش حجرًا ونقصًا في الموارد لأكثر من شهر؟ نعم لقد عاش الناس واكتشف الكثيرون أن الحياة بأقل من خمس مرات من الاستهلاك اليومي ممكنة كذلك؟
يقول في هذا الجانب الفلسفي والمعرفي للحياة د محمد الطلابي حول كيف نستفيد من رمضان في مسائل الحياة العصرية وكيف نفهمه في اطار الوعي والفكر ضمن محاضرة طويلة موثقة في كتاب رمضان الإسلام من إنتاج عمران: اتركوا ابن خلدون زعيمًا في عصره، اليوم نريد جيلا جديدا ينتج فقها عمرانيا جديدا وفلسفة تاريخ جديدة تختلف نوعيا عن فلسفة العمران وفلسفة التاريخ عند العملاق ابن خلدون.
يضيف د محمد الطلابي، "الخلاصة هي أننا نحن اليوم هم الصفوة المثقفة في العالم الإسلامي والعربي من فلاسفة ومفكرين وعلماء وفقهاء ودعاة من الصف الأول والثاني والثالث مطالبون بإنتاج معرفة جديدة ترتبط مباشرة بالوحي وتأخذ ما بقي حيا في التراث، وتقوم بعملية التركيب له مع التراث الغربي الحي؛ هذه هي رؤيتي بأن الوعي المطابق اليوم للعصر في القرن الواحد والعشرين للمسلمين وغير المسلمين يتطلب القيام بعملية معقدة جدا وهي كيف نقوم بالتوليف الحي بين تراثنا الذي مازال حيا وذا قيمة إنسانية، وبين تراث الغرب الذي له قيمة معرفية وقيمة علمية، كيف نقوم بالتوليف الحي ولكن تحت مظلة وتوجيه من القرآن، هذه هي الإشكالية المعرفية الكبرى التي علينا أن نقتحمها، ومعنى ذلك علينا مراجعة نقدية لكثير من المفاهيم التي بها نفكر.".
بهذه الكلمة للدكتور محمد الطلابي التي أراها سؤالًا فكريًا وفلسفيًا جوهريًا وحرجًا للعصر الذي نعيشه كمسلمين، وتجيبنا على الكثير من الإشكالات التعبدية والسلوكية التي نعاني منها كأفراد ومجتمعات، أختم هذه المداخلة المتواضعة والتي جمعتها من مراجع ومصادر متعددة ومعروف عن اصحابها المهارة في ادارة الحياة بمختلف محاورها، ضمن عنوان كبير "رمضان شهر التغيير" والذي نهدف من ورائه أن يصنع أثرًا ايجابيًا في الفرد المسلم، عملت على ترتيبها بما يفيدني ويفيدكم في هذه الحلقة التربوية.
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنّا. وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصبحه وسلم تسليمًا.