في هذا التقرير نُسلط الضوء على ما جاء في موسوعة Stanford للفلسفة حيث تناول التقرير مدخلا لشبكات التواصل الاجتماعي والفلسفة الكامنة فيها، ونقد المخاوف الفلسفية المرتبطة بها، وقد ركزنا على رصد بعض الجزئيات والتوسع فيها.
في بيئة إلكترونية.. 9 سلبيات في تواصلك العارض السهل بمجتمع أكبر!
إن ظهور التقنيات الحديثة وتعامل الأشخاص مع أجهزة الحاسوب أكثر من تعاملهم مع بعض نشأ عن ذلك معاناة نفسية كبيرة، ظهرت في سلوكيات الأفراد وخاصة من لهم طبيعة مادية أكثر من غيرهم، فجاءت الشبكات الاجتماعية لتحقيق غرض التواصل الاجتماعي على مستوى تقنية شبكة الأنترنت، بحيث تعتبر هذه الشبكات الاجتماعية مجموعة من المواقع على الأنترنت، ظهرت مع الجيل الثاني للويب، تتيح التواصل بين الأفراد في بيئة مجتمع افتراضي يجمعهم حسب مجموعات اهتمام أو شبكات انتماء من خلال خدمات التواصل المباشر، مثل إرسال الرسائل، أو الاطلاع على الملفات الشخصية للآخرين، ومعرفة أخبارهم ومعلوماتهم التي يتيحونها للعرض، كما تضم مواضيع خاصة وعامة من كتابات وصور وأفلام ودردشات وتعارف حيث تتيح شبكات التواصل الاجتماعي على اختلاف أنواعها إمكانية التواصل؛ مما يجعلك تشعر دائمًا بأنك على اتصال بمجتمع أكبر، لكن هذا التواصل العارض السهل في نطاق البيئة الإلكترونية له جوانبه السلبية كذلك على الأخلاقيات والقيم ومن أبرز هذه التأثيرات:
- الشعور الوهمي بالاتصال
- تدهور التواصل الأسري
- الإهمال بالواجبات الأسرية
- الإدمان
- البلطجة أو التنمر الالكتروني Cyber-bullying
- انخفاض الإنتاجية وقتل الإبداع
- التناقض في الشخصية بين online وoffline
- الخصوصية
- جرائم الإنترنت والإكتئاب، نفاذ الصبر ومتلازمة السرعة Quick Syndrome
قد أثر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على القيم الأخلاقية والاجتماعية وأضاف تغييرا كبيرا عليها، حيث أصبحت لهذه الشبكات قوة لها أبعادها الاجتماعية بمقدار ما لها من قوة سياسية واقتصادية وثقافية، فتقوم مواقع التواصل بنقل المعلومات والأفراد والاتجاهات، ومن خلال نشاطها الاتصالي يتم نقل العادات والتقاليد ويتم تعزيز القيم السائدة في المجتمع كما تقوم بهدم قيم وخلق قيم جديدة.
وسائل التواصل الاجتماعي.. المرآة الكاشفة للمخفي في مجتمعاتنا!
تعد القيم الأخلاقية من أهم الأمور في وسائط الإعلام وهي العنصر الجوهري في عملية التواصل والاتصال، بحيث تسهم في زيادة الأمانة والمصداقية عند المجتمع، وتعزز من المحافظة على الآداب العامة، كما أنه يجب استخدام لغة سليمة يحدد فيها الواقعة المراد نشره من دون اللجوء إلى السب والذم أو القدح اتجاه الآخرين.
إن مجموعة من المعايير الأخلاقية هي ما تشكل الإطار العام الذي ينبغي أخذه بعين الإعتبار عندما يتم بناء ميثاق أخلاقي لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها القيم الأخلاقية، فقد اهتمّت الكثير من المدارس الفلسفيّة عبر العصور بدراسة الظاهرة الأخلاقية ووضعت تعريفا صريحا لها، كما حَاول الفلاسفة وضع ضوابط وأسُس للقيم الأخلاقية عبر العصور.
بحيث تُعرف الأخلاق على أنّها مجموعة من القواعد والعادات السلوكية، التي يعتنقها ويؤمن بها مجتمع ما، فتغدو مُلزمةً حتميّة لسلوك الأفراد، ومنظِّمة لعلاقات الإنسان بالآخر والمجتمع، وتختلفُ هذه السلوكات من زمنٍ لآخر ومن مجتمع لآخر، فقد عرفها أفلاطون على أنها كبح الإنسان لشهواته، والتّسامي فوق مطالب الجسد بالالتفات إلى النفس والروح وتوجيههما لتحصيل الخير والمعرفة ومحاربة الجهل، أما أرسطو فهو يرى أنّ الأخلاق مُرتبطة بسعادة الإنسان التي هي غاية وجوده، فيعرفها على أنها الأفعال الناتجة عن العقل من أجل الخير الأسمى.
أصبحت تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي أشعة مقطعية على الأخلاق في مجتمعاتنا، ومرآة كاشفة للمخفي من الميل الأخلاقي بشكل كامل، وفاضحة للكبت الذي تعيشه هذه المجتمعات وحالة الانجراف الأكبر وراء ما تعرضه هذه الشبكات من خدمات تشوش على الناس القيم الأخلاقية، وذلك من خلال كيفية انتقائهم ما يودون إطلاع الآخرين عليه.
لدينا تطبيق ثوري جديد وهو «تيك توك»، يتجاوز جميع ما سبقه من تطبيقات من حيث هدم الحدود، إنه ليس تدميرًا للخصوصية فقط وإنما هدم لأي معيار يعتزم أهل التربية والثقافة وضعه تجاه موجات مواقع التواصل الإجتماعي، لقد ضربت هذه المواقع بالهوية الأخلاقية لمستخدميها.
لنفترض مثلا أن دكتورا أكاديميًا أو مثقفًا مستخدم لهذا التطبيق سيتحول تدريجيًا إلى شخصٍ معتوه متقافز حسب المجال التقني الذي يتحرك فيه ولكم أن تتخيلوا الشتات الذي سوف يحل بشخصه إذ سرعان ما يتحول تلقائيًا إلى ترس في آلة التقنية هذه، ويعاد رسم هويته وشكله وطرحه، كل هذا يستوجب منا وقفة تأمل ودراسة فكثير من المجتمعات بدأت تتحرر من انغلاقها، والممنوع على التلفزيونات والسينمات أصبح متاحا ومباحا على شبكات التواصل الاجتماعي.
إذ أبرزت مرض هذه المجتمعات العربية أخلاقيا، بل إنها أظهرت حالتها المرضية الشديدة التي أضحت تحتاج بالضرورة إلى طبيبا مخلصا، يضع لها خطة النجاة لما تبقى من موروثها الأخلاقي.
"بعيدًا عن تاريخ الإنسان".. توليد معايير مجتمعية وممارسات أخلاقية جديدة
قام الفلاسفة بتحليل وسائل التواصل الاجتماعي من حيث استخداماتها وذلك من حيث الأنواع المميزة للمعايير المجتمعية والممارسات الأخلاقية التي تولّدها خدمات الشبكات الاجتماعية مثلا في الواقع الافتراضي يُطرح مفهوم آخر للصداقة على موقع الفيسبوك، فهو يقترح عليك صديقا جديدا المعنى يختلف عن الصداقة بمعناها في تاريخ الإنسان.
إن المتابع لمجريات ما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي، سواء ما كان منها على مستوى النشر أو على مستوى التفاعل، يلاحظ وجود فوارق كبيرة بين المتفاعلين فيها والتعاطي معها، تبعا للمستوى الثقافي والأخلاقي والديني لهم، حيث كل يعمل على شاكلته، عاكسا مستوى البيئة المنحدر عنها.
وعطفا على كل هذا، يحيلنا الحديث إلى ملاحظة أساسية إذ تفتح تقنيات الشبكات الاجتماعية نوعا جديدا من الفضاء الأخلاقي، حيث تُنشأ الهويات الشخصية والمجتمعات (الحقيقية) والافتراضية، وتقديمها وتفاوض بشأنها وإدارتها وتنفيذها.