تزداد أهمية الحوكمة بشكل كبير ويتوسع تبينها سعيا لتحقيق التنمية وتعزيز الرفاهية الاقتصادية للشعوب، وتحقيق الدقة والمصداقية والتوازن وضمان البقاء والتطور للشركات والمؤسسات، وبرزت هذه الأهمية بعد الأزمة المالية الآسيوية 1997 – 1998، والانهيارات والفضائح التي طالت كبرى الشركات، مثل شركة انرون Enron للطاقة وما تلا ذلك من سلسلة اكتشافات عن تلاعب الشركات في قوائمها المالية التي كانت لا تعبر عن الواقع الفعلي لها، وذلك بالتواطؤ مع كبرى الشركات العالمية الخاصة بالتدقيق والمحاسبة، وهو ما جعل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية [1] تصدر مجموعة من القواعد لحوكمة الشركات الخاصة سنة 2004م وقواعد حوكمة الشركات المملوكة للدولة سنة 2005م.
ولا تقتصر أهمية الحوكمة على أولئك المتعاملين في أسواق رأس المال (بائعين، ومشترين، ووسطاء، وشركات معلومات)، والموردين، والمقرضين، والممولين من المصارف وشركات التمويل، بل امتدت إلى منشئات الأعمال، والحكومات والدول، والمؤسسات الدولية، خاصة بعد الانهيارات التي طالت كبريات الشركات في العالم، والمدرجة في أسواق رأس المال في دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة، وروسيا، واليابان ودول شرق آسيا.
وكان لظهور هذه الفضائح آثار ونتائج مدمرة على تلك الدول ومنشئات الأعمال فيها، وأدت إلى بروز أهمية الحوكمة كنظام حديث ومبدأ أساسي للعمل الرقابي في المؤسسات والمنظمات ومنشئات الأعمال مما يؤكد أهمية الحوكمة كنظام وأهمية المؤسسات كمحدد أساسي للتنمية والنهضة.
تكمن أهمية حوكمة الشركات في تحقيق التنمية الاقتصادية وتجنب الوقوع في مغبة الأزمات المالية، وذلك من خلال ترسيخ عدد من معايير الأداء، بما يعمل على تدعيم الأسس الاقتصادية في الأسواق وكشف حالات التلاعب والفساد المالي والإداري وسوء الإدارة.
ونظرًا لأهمية المؤسسات في بناء المجتمعات، من الضروري إيجاد الإجابة الشافية على مسألة الحوكمة العامة، وقد عمل الباحثان الغربيان Laws/ Leftwich على تلخيص ثلاثة كتب هامة حول ازدهار المجتمعات واستقرارها، ووجدا بأن المؤسسات هي إحدى المحددات الرئيسية للنتائج التنموية (الإيجابية أو السلبية).
أما على الصعيد الاقتصادي أخذت تتنامى أهمية القواعد السليمة لحوكمة الشركات، وهو الأمر الذي أكده Winkler بشدة، حيث أشار إلى أهمية حوكمة الشركات في تحقيق التنمية الاقتصادية وتجنب الوقوع في مغبة الأزمات المالية، وذلك من خلال ترسيخ عدد من معايير الأداء، بما يعمل على تدعيم الأسس الاقتصادية في الأسواق وكشف حالات التلاعب والفساد المالي والإداري وسوء الإدارة، بما يؤدي إلى كسب ثقة المتعاملين في هذه الأسواق، والعمل على استقرارها والحد من التقلبات الشديدة فيها، وبالتالي تحقيق التقدم الاقتصادي المنشود [2].
أما منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) فترى بأنّ الحوكمة أحد عوامل تحسين الكفاية الاقتصادية والنمو الاقتصادي، بالإضافة إلى تعزيز ثقة المستثمرين. وأن وجود نظام حوكمة فعال في أي شركة وفي أي اقتصاد بشكل عام، يساعد في توفير درجة من الثقة الضرورية لكي يعمل الاقتصاد بشكل جيد. ونتيجة لذلك تكون تكلفة رأس المال منخفضة، وأن الشركات تشجع على استعمال الموارد بكفاية أكثر، وبذلك تعزز النمو الاقتصادي [3].
ويذهب رئيس البنك الدولي Wolfensohn أبعد من ذلك في تقييمه لأهمية حوكمة الشركات، إذ أنه يقول:"إن حوكمة الشركات مهمة الآن في عالم الاقتصاد كأهمية حكم البلدان." [4]
وفي الجانب المحاسبي والرقابي تتجسد أهمية الحوكمة فيما يأتي: [5].
1- محاربة الفساد المالي والإداري في الشركات وعدم السماح بوجوده أو عودته مره أخرى.
2- تحقيق وضمان النزاهة والحيادية والاستقامة لكافة العاملين في الشركة، بدءا من مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين حتى أدنى مستوى للعاملين فيها.
3- تفادي وجود أخطاء متعمدة أو انحراف متعمد كان أو غير متعمد ومنع استمراره، أو العمل على تقليله إلى أدنى قدر ممكن، وذلك باستخدام النظم الرقابية المتطورة.
4- تحقيق الاستفادة القصوى من نظم المحاسبة والمراقبة الداخلية، وتحقيق فاعلية الإنفاق وربط الإنفاق بالإنتاج.
5- تحقيق قدر كاف من الإفصاح والشفافية في الكشوفات المالية.
6- ضمان أعلى قدر من الفاعلية لمراقبي الحسابات الخارجيين، والتأكد من كونهم على درجة عالية من الاستقلالية وعدم خضوعهم لأية ضغوط من مجلس الإدارة أو من المدراء التنفيذيين.
أما على الصعيد الاجتماعي فيذكر مركز الحوكمة في الجامعة التكنولوجية في سدني [6] أنها تهتم بتحقيق التوازن بين الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، ويشجع إطار حوكمة الشركات الاستخدام الكفء للموارد وضمان حق المساءلة عن السيطرة عليها، ويهدف إلى ربط مصالح الأفراد والشركات والمجتمع بشكل عام [7].
وفي ذات الاتجاه يؤكد Hitt et al بأنّ حوكمة الشركات ذات أهمية كذلك للشعوب، إذ يرغب كل بلد أن تزدهر وتنمو الشركات العاملة ضمن حدوده لتوفير فرص العمل أو الخدمات الصحية، والإشباع للحاجات الأخرى، ليس لتحسين مستوى المعيشة فحسب بل لتعزيز التماسك الاجتماعي. [8]