يمكن اليوم لأي مشخص لواقع التشغيل في أغلب الدول العربية أن يلاحظ الفجوات الكبيرة الموجودة فيه، والمشاكل المعقدة التي جعلت من الصعوبة الارتقاء بهذا القطاع وجعله مفتاحا للنهوض بالأمة العربية.
إنّ الحفاظ على حق المواطن في منصب شغل قار هو الحق الذي تكفله كل دساتير العالم، بل على العكس تماما فقد أثقل كاهل ميزانيتها لأن هذه الدول تخصص مبالغ ضخمة لوزارات العمل والتشغيل، من دون أن نلاحظ الطفرة التي ينتظرها الجميع، حتى إننا نجد دائما الدول العربية في أدنى الترتيب بين دول العالم في نسبة التشغيل، بينما نجدها أيضا في أعلى الترتيب في إرتفاع نسب البطالة.
هذا الواقع فرضته الكثير من الأسباب أهمها: عدم استشارة أهل الاختصاص في القطاع، فأصحاب القرار القائمين عليه ليسوا بمختصين في المجال، لذلك نشهد غياب الرؤية الواضحة، وغياب استراتيجيات وخطط علمية للنهوض، بل هي مجرد تخمينات من المسؤولين غير المتخصصين، كما يُسند سن القوانين ووضع الخطط إلى أشخاص ليسوا أهلا لذلك.
كما أنّ استيراد الكثير من برامج التشغيل من الدول الغربية ومحاولة تطبيقها بحذافيرها في السوق العربية يعد جهدا ضائعا لأن الواقع يختلف تماما بين السوقين العربية والغربية.
أيضا، التحكم الكامل للدول العربية في سوق الشغل وجعله أداة في يد السلطة، وتسخيره لصالحها، ففي كثير من الأحيان تلجأ هذه الدول لشراء السلم الإجتماعي، وذلك بتطبيق برامج تشغيل خاصة أثناء الأزمات الإجتماعية والتخلي عنها أثناء فترات الاستقرار والأمن.
بالإضافة إلى ضعف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وعجزها عن المساهمة في الإنتاج المحلي وتوفير مناصب عمل جديدة، وكذا عدم سعيها للتوسع في سوق الشغل.
أما عن كفاءة المقبلين، فغالبا ما يرجع ضعف الكفاءة لدى طالبي العمل إلى الاكتفاء بما اكتسبوه في التعليم الأكاديمي بعيدا عن تطوير الذات بعد التخرج خاصة، بينما التعليم الأكاديمي يزود المتعلم بالمعلومات فقط ولا يوفر له المهارات التي تساعده على الدخول لعالم الشغل بنجاح..
كل هذا جعل واقع التشغيل العربي بعيدا عن تلبية حاجيات المواطنين من جهة، والسلطات من جهة أخرى.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن عمران