بقليل من التجاوزِ يُمكن اعتبار الروح الجميلة، أجمل تقنية للتعديل على الديانات الأخرى، قضيتنا من 1400عام، قضية أرواح مؤمنة وقلوب فطرية، ديننا دين السلام، فهو لا يهتم بالوسامة والتناسق الخَلقْي، بقدر ما يهتم بالقلب والروح! ثُمّ إنّ عروج الأرواح وحده؛ من يمنع الأقدام من الوصول، نعم والله!
"مورغان فريمان" ممثل أمريكي رائع، ينطلق قلبه ببطء خطوة خطوة نحو النقاء، حتى بدأت أدعو الله في لحظاتِ الصفو؛ أن يقبض روحه وهو مُسلم! تأثر في "الأذان" جدًا بقوله: "إنه أكثر الأصوات جمالًا في العالم"! وتحدث عنه وعن جماليته الرقراقة، أطلق منذ سنين برنامج وأسماه: "The story of God" "قصة الإله"، يتحدث ويتساءل به عن بعض أشياء منها: من هو الله؟ ماذا وراء الموت؟! ما هي نبوءات نهاية العالم؟ لماذا الشر موجود؟ ما قوة المعجزات!
تأثر بالإسلام، وتأثر أكثر بالأذان، وعندما كنت أنظر إلى عينيه عند زيارته لمسجد الحسين بالقاهرة -فضلًا عن زيارته للأقصى-، أشعر أنها تقول: "أخشى على المسلم أن يُصيبه رذاذ المستقنع، إن تجاهل أمر الأذان"!
ساءل نفسك دائمًا: أين تهدأ الروح؟ يجب أن يقذفك هذا السؤال من تأثر "مورغان" إلى الحَنين الدائم لله! جُلّ ما نحنُ فيه يا أهل السماء.. أنكم غَيبٌ ونحنُ حضُورُ!
نعم؛ الله هو الأمل والسلام والحُب، وأن لا ملجأ ولا منجا منه إلاّ إليه، لكن عبادة الحب تختلف اختلاف تامًا عن عبادة الاضطرار، آذان الحُب، صلاة الحب، قيام الحب، رجاء الحب، التشبث بتلك العلاقة، لا تشبهها أي عبادة، كن مُختلفًا! الممثل "ليام نيلسون" ممثل فيلم "Taken"، في اسطنبول، كان عندما يسمع صوت الأذان يشعر وكأن روحه تُخلق من جَديد!
حاول أن تجلس وتتدبر روحانية الأذان، فقط حاول! دعك من أنماط العُباد في حياتك ولا تحاول تكرار نمط بحد ذاته، الإسلام لا ينحصر في لِحيّة -وإن كانت عظيمة- أو لباس شَكلي أو لقاءات دينية، أخبرك بأن الأمر بسيط وليس معقدًا، بالرغم من أننا الطرف دائم التقصير بحق الله إلاّ أن الطرف الآخر دائم العذر! "ولا شخصَ أحبُّ إليه العذر من الله"، كما في حديث مُسلم.
ماذا إن ابتلعتنا الحياة وتقطعت بنا السبل وتركنا الآذان، وتخلفنا عنه، ما الذي سيتغير في الكون؟ بل ما الذي سيغير فيك؟ هل أخبرك؟ ستكون كرجل يتمدد على فراشه كالحَطب المبلول، ترفضه النار ويبكي على الشجرة!
(ليو تولستوي) يقول: "الإنسان الذي يقدر على الحب يقدر على كل شيء"، هو يتحدث عن الحب كقيمة إنسانية، تبث فيك القوة على مواجهة الحياة! تخيّل أن علاقة الحب هذه مع الله، هنا يتجسد المعنى الحقيقي للتمكين والاستخلاف في الأرض، أنت تسعى في الأرض ليس لتحصيل الرزق، بل لتُرضي محبوبك فتسمع أذانه ولا تتجاهله، ماذا إن ابتلعتنا الحياة وتقطعت بنا السبل وتركنا الآذان، وتخلفنا عنه، ما الذي سيتغير في الكون؟ بل ما الذي سيغير فيك؟ هل أخبرك؟ ستكون كرجل يتمدد على فراشه كالحَطب المبلول، ترفضه النار ويبكي على الشجرة!
أراد "مورغان" - جزاه الله خيرًا ومتع قلبه بديننا الجميل-، أن يُبعثر بنا نحنُ المسلمين حالة تُسمى "Dystopia"، تَعني: مجتمع غير فاضل تسوده الفوضى، عالم وهمي ليس للخير فيه مكان، يحكمه الشر المطلق، ملامحه تكون في الخراب، والقتل، والقمع، والفساد، والمرض، والفقر، باختصار هو عالم يتجرد فيه الإنسان من إنسانيته!
يقول لنا: "تشبثوا بالأذان"، فهو من سيُعيد ترتيب المشهد من جَديد، فيحررنا من حالة الديستوبيا هذه! وادعو دائمًا وقُل: "واجعل فيّ يا ربّ قلبًا يعرف كيف يُصغي"!
قُبلة للبريق في عيونِ "مورغان" لدى سماعه لصوت الآذان أول مرة، وقبلة لجبين ذلك الذي راح يُردد آيات القرآن بعد أن نام الجميع، وقُبلة للأيام التي تحاول عناقنا قَبل أن ترحل عنا، وقُبلة للمؤذنين في أرجاءِ المعمورة!