يقول الله عز وجل في القرآن الكريم (قلنا اهبطوا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) [سورة البقرة الآية: 38]. ويقول في موضع آخر (قلنا اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) [سورة طه الآية: 123].
حين أمر الله عز وجل آدم وحواء أن يهبطا إلى الأرض أخبَرهما أنه سيأتيهما وذريتهما هدى منه، فمن مضى متبعا هدى الله فلا خوف عليه من عذاب يوم القيامة، ولا هم يحزنون فيها على ما عرفوه في الدنيا من بلاء وابتلاء، وأن من بذل نفسه في اتباع الهدى فلا يضل في الدنيا والآخرة ولا يشقى.
إن حياة الإنسان على هذه الأرض مقرونة بحياته في الآخرة، وقد أرسل الله عز وجل الأنبياء والرسل لينذروا الأمم بقدوم اليوم الآخر، ويحضّونهم على الاستعداد له والإيمان بالله، واتباع هداه.
ختم الله عز وجل الأنبياء والرسل بنبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ليتمم مكارم الأخلاق (إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) [سورة فاطر الآية: 24]
ونحن في زمان ما بعد بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وقد أنزل معه الله نورا يهدي به من يشاء من عباده وفي هذا يقول الله عز وجل (لقد جاءكم من الله نور مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام) [سورة المائدة الآية: 16]
وحفظ الله تبارك وتعالى لنا الكتاب العزيز الذي أنزل بقوله (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) [سورة الحجر الآية: 9]. فجعله ذكرا لرسالة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم الذي أرسله للناس كافة، ورحمة للعالمين يتوارثه بنو آدم، نعمة محفوظة من الله تعالى لا يقدر على محوها مخلوق أو ظالم كما حرفوا الكتب السماوية قبله (من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه) [سورة النساء الآية: 46]
(وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون) [سورة آل عمران الآية: 78] وجعله نورا لا يطفئه الكافرون بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره.(يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) [سورة التوبة الآيتين: 32 و33]
وإن الهدى الذي جاءنا به رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم هو هدى من الله فمن اتبعه فلا يضل ولا يشقى فمن آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ورضي بالقدر والقضاء فأولئك يخرجهم الله من الظلمات إلى النور، ومن كفر بالآيات والنور المبين وما تفضل الله به على الناس من الآيات والبراهين والهداية للحق فما ظلم إلا نفسه.
(الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.) [البقرة 257]
(إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم.) [النحل 104]
(فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) [سورة الإسراء الآية: 15]
فرسول الله إنما عليه البلاغ ولكن الله يهدي من اهتدى واتبع الرسل، فقرن الله الهدى بالاهتداء. فالرسالة هدى من الله ومن تبع الهدى واهتدى إليه يزيده الله هدى ويأتيه تقوى نفسه، (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين) [سورة القصص الآية: 56] ويقول عز وجل في موضع آخر( والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم) [سورة محمد الآية: 17].
(ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها) [سورة الشمس الآيات: 7 و8 و9].
إن هذا كله من نعمة الله عز وجل الذي مهد لنا طريق العبودية ويسر لنا سبيل اليسر وارتضى لنا رضوانه وتفضل علينا بدعوتنا إلى فضله وزاد المؤمن إيمانا والموقن يقينا فالحمد لله رب العالمين.