على الرغم من محاولة فرنسا الهرب من تاريخها الاستعماري إلا انه يلاحقها بإستمرار، وهي لا تزال لحد الآن تدفع ثمن تاريخها الدموي، وتواجه مشاكل إقتصادية وإجتماعية منذ فترة حكم ساركوزي إلى اليوم وتراكمت هذه الأزمات حتى وصلت إلى مرحلة متقدمة من العجز، و مع ظهور وباء كوفيد 19 الذي انتشر في كل أنحاء أوروبا بشكل كبير وأدى إلى شلل في تحركات صناع القرار حيث وصل عدد الإصابات في فرنسا إلى أكثر من مليون مصاب وهذا ما أثبت عجز ماكرون الرئيس الثامن للجمهورية الفرنسية الخامسة عن احتواء الوباء و التحكم فيه، فبحسب التقارير الفرنسية أن شعبية ماكرون في انهيار، والشعب الفرنسي أظهر عدم رضاه لا عن سياساته الداخلية ولا الخارجية. فهل فعلا تعاني فرنسا من أزمة صناع قرار؟
تعيش هذه الجمهورية منذ عهد ساركوزي أزمات كبيرة حيث عرفت ولاية ساركوزي الرئاسية (2007-2012) تذبذبات كثيرة وأزمات ناتجة عن رغبته بإصلاح جميع نواحي الحياة السياسية والاقتصادية، بالإضافة إلى ميله للحكم بصورة منفردة. حيث كان مشروع إصلاح نظام الضمان الاجتماعي والتقاعد الذي اقترحه، من بين المشاريع التي سببت له انتقادات كثيرة ودفعت مليونين من المواطنين الفرنسيين إلى الشارع للتعبير عن غضبهم.
بالإضافة إلى اصلاحات أخرى إضافية لم ترق لفئة كبيرة من الفرنسيين، مثل قانون عدم استبدال موظف في قطاع التربية من أصل اثنين يحالان إلى التقاعد، أو إنشاء وزارة للهجرة والهوية الوطنية فضلا عن قرار عودة فرنسا إلى قيادة حلف الأطلسي.
ولقد واجه ساركوزي أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة، حالت دون خفض نسبة البطالة إلى النصف كما تعهد في 2007، كما أخفق أيضا في رفع القدرة الشرائية للفرنسيين رغم كل الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية التي اعتمدها طيلة خمس سنوات من الحكم.
وحاول جاهدا ليصور نفسه بطريقة جيدة، لكي يصبح بطل الشوارع الفرنسية فوصف نفسه خلال فترة رئاسته بأنه "قبطان سفينة في قلب العاصفة" ولكنه في الحقيقة لم يستطع حتى منع ارتفاع معدلات البطالة التي وصلت إلى أعلى مستوياتها خلال 12 عاما في فترة حكمه
وعلى الرغم من هذا يرى بعض المحللين أنه حقق بعض الإنجازات في منصبه، ولكنه لقي انخفاضا كبيرا في شعبيته انتهى بخسارته الانتخابات، ووجهت له تهمة "تشكيل عصابة إجرامية" في إطار التحقيق في احتمال أن يكون قد حصل على تمويل ليبي لحملته الانتخابية العام 2007. وبعد خسارته في الانتخابات تم استبداله بقبطان آخر جديد ليقود السفينة الفرنسية التي كانت على وشك الغرق.
فرانسوا هولاند الرئيس السابع للجمهورية الفرنسية الخامسة والذي بدأ عهدته منذ 15 مايو 2012 وواجهت فرنسا أزمة اقتصادية واجتماعية خطيرة في فترة حكمه، وكان الوضع في فرنسا يتفاقم بسبب النظام السياسي الفرنسي الذي يوصف بالشخصي للغاية، حيث تراكمت الأزمات على حسب قول الكثير من المحللين إلى أن وصلت إلى مرحلة بداية انهيار شرعية هولاند نفسها كرئيس، حيث وحدت الاحتجاجات في بريتاني ضد "الضرائب البيئية" المقترحة الجميع تقريبًا ضد الحكومة، وشهد العام الأول من حكم هولاند تراجع شعبيته مع ارتفاع معدلات البطالة التي ارتفعت إلى 10 في المائة.
سلطت وكالة الأنباء الفرنسية الضوء على فترة حكم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وكيف حكم البلاد على مدار 5 سنوات كاملة، حيث ذكرت الوكالة أن ولاية هولاند شهدت الكثير من الانتقادات لما عايشته فرنسا من مشكلات، أهمها الإخفاقات الأمنية والاجتماعية، إذ يبرز هذا فى الهجمات الإرهابية، إضافة إلى أزمات العمال والبطالة.
وأوضح مقطع الفيديو عدم قدرة هولاند على الوفاء بوعوده الانتخابية التى أعلن عنها قبل عام 2012 عند وصوله إلى الإليزيه، كحفظ الأمن وخفض معدلات البطالة، والارتقاء وتعزيز الاقتصاد الفرنسي، ولكن كل ما استطاع فعله هو خفض معدل البطالة بنسبة 0.4% فى عام 2016 وهو معدل مهمش للغاية. وحاليا يرى كثير من الفرنسيين أن حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون عاجزة عن إدارة عملية مكافحة جائحة كورونا بجدارة.
أجرت وكالة الأناضول استطلاع رأي وسط الشارع الفرنسي حول إدارة حكومة ماكرون لجائحة كورونا، خلص إلى أن كثيراً من الفرنسيين يرون أن الدولة عاجزة عن إدارة عملية مكافحة الجائحة بجدارة، فيما يشتكي أصحاب المطاعم من تداعيات التدابير على أعمالهم.
بالإضافة إلى الحملة التي شنها ماكرون على المسلمين والتي أدت إلى غضب شعبي واسع وانتشار دعوات لمقاطعة المنتجات الفرنسية في دول عربية كثيرة. ماكرون حاليا يواجه أزمة كبيرة و تراجع لشعبيته حيث كشفت أحدث استطلاعات الرأي في فرنسا عن تراجع شعبية الرئيس ورئيس الوزراء جان كاستكس في سبتمبر/ أيلول حيث كشفت تقارير أن 65 بالمائة من الشعب الفرنسي لا يثقون في الحكومة بخصوص مكافحة فيروس كورونا.
فكيف ستواجه فرنسا كل هذه الإخفاقات؟ وهل سيتمكن ماكرون من التحكم في الدولة وإعادة توازنها.