استضافت مدونات عمران في برنامج ساعة فكر يوم الأحد 19 يوليوز 2020 الدكتور عمر هشام الطالب المتخصص في علم الاجتماع والذي يشغل أستاذا زائرا في العديد من الجامعات العالمية في بث مباشر على صفحتها على الفايسبوك للإجابة عن سؤال: "هل حافظت الأمة الإسلامية على إرثها الحضاري في علم الاجتماع؟" وقد أدار الحوار الأستاذ شمس الدين حيمود.
ـ سؤالي كبداية دكتور عمر هو كيف يُمكننا اختصار أصول النظرة الخلدونية وفلسفته في علم الاجتماع؟ وما هو السر المنهجي أو الخصوصيات التي جعلت مشروع ابن خلدون عالمياً حتى وقتنا الحاضر؟
ـ "هل حافظت الأمة الإسلامية على إرثها الحضاري في علم الاجتماع؟" من الأسئلة التي كانت تطرأ على بال ابن خلدون وفي الحقيقة هو من أسس لعلم الاجتماع في الحضارة الإسلامية وقد كانوا يسمونه "علم العمران" أو أنهم كانوا يهتمون بفكرة العمران، والعمران هو البناء والتأسيس لحضارة تستطيع أن تحمل معاني القرآن الكريم والوحي وتخرجه من رتابة النظرية إلى الواقع العملي في حياة الناس، ولكن ما حدث هو أننا كأمة وكأفراد لم نحافظ على الإرث الحضاري الذي رزقنا الله به وخاصة في علم الاجتماع فتُرك ليتبعثر، وقد اتبعنا مع الأسف إما طريقة التقليد الأعمى ومنتجات الحضارات الأخرى من دون أي فكر ومن دون أي غربلة أو الرفض الكامل والذي قد يُسمى عند بعض الناس بالتحجر. فالتقليد الأعمى يضرنا والتحجر كذلك يضرنا، فإذا طرحنا السؤال التالي: "لماذا تأخر المسلمون اليوم في علم الاجتماع؟" ففي رأيي المتواضع أن أحد الأسباب هو الكسل، فمع الأسف أن نجد الكثير من الخير في أمتنا ولكننا لا نسخر قدراتنا والخيرات التي لدينا لتكوين حضارة ناجحة، طبعاً هناك بعض الاستثناءات ولكن نحن مثلاً شعوب لا تقرأ، وأذكر عندما كنت أمرّ وأنا طفل صغير في الأسواق في القاهرة أو في العواصم العربية الأخرى أجد الكثير من مطبوعات ميكي ماوس وهذه القصص المصورة ولكن الكتب البناءة والمفيدة للأطفال كانت قليلة جداً وإن وُجدت كانت غير جذابة.
الشيء الآخر الموجود لدينا مع الأسف الشديد وأنا أول من يعترف به هو النفاق، فإننا نقول أشياء ونفعل أشياء أخرى وهذا يتسبب في تأخر كبير؛ ومن علامات هذا أيضاً أننا نكذب على أنفسنا فنقول ونفتخر بأننا أفضل أمة ولكن عندما نأتي للتطبيق فنحن آخر من يلتزم بقيم الصدق والأمانة والشجاعة وغير ذلك.
وفي النهاية نقول أننا نخلط بين ما نريده وما نتمناه من ناحية وما نفعله من ناحية أخرى، فالأماني التي لدينا لا توافق التطبيق في حياتنا حيث نجد أن الإسلام شيء، ومع الأسف نجد المسلم شيئا آخرا تماماً، الإسلام أفضل رسالة، والمسلم مع الأسف في عالمنا اليوم أتعس مثال للإنسان الحضاري، أيضاً أقولها بكل أسف! وأنا أول من يعترف بهذه الوضعية التعيسة.
من أهم الإسهامات الحضارية التي نراها في عهد النبوة بالنسبة لعلم الاجتماع: هو نبذ القبلية، أُرسل الرسول صلى الله عليه وسلم من بين العرب، وهناك عدة خواص ممتازة كانت لدى العرب، مثل الجود والكرم كما كانت هناك الخصال التعيسة المُضرة، ولعل أهمها الانتماء القبلي الذي يؤدي إلى الحرب والقتل باسم القبيلة والتفكير بأن كل ما تفعله قبيلتي هو صحيح بغض النظر عن المبادئ والقيم. فحاول الرسول صلى الله عليه وسلم التخلص من هذه الخصلة وهو تحول اجتماعي كبير جداً لم يكن إنجازه سهلا.
سبقنا ثم تخلّفنا..خلاصة وضع العلوم الاجتماعية في عالمنا الإسلامي
فماذا عن ابن خلدون؟ ابن خلدون هو أحد علماء المسلمين الذين لا يعرفهم المسلمون ومن يحيطون به علماً ما هم إلا قلة قليلة، وقد اشتهر في الغرب، وحينما كنت أدرس في الجامعات في الولايات المتحدة كان الأساتذة الأمريكان يسألونني عن ابن خلدون، ولكن عندما كنت أذهب وألقي خُطب الجمعة في المساجد في أمريكا وأسأل من يعرف ابن خلدون لا أحد يرفع يده فكنت أبكي وعلى ماذا أبكي!!
قدم لنا ابن خلدون أفكاراً ممتازة منها نبذ الشعوذة والتفكير العلمي الذي هو جزء من أهم العوامل التي أدت إلى قيام الحضارات الأوروبية الحديثة، أوروبا كانت مليئة بالشعوذة وكانوا يرفضون التفكير العلمي، ولكن تغيّروا بعد التأثر بعلماء الأندلس والحضارة الإسلامية في الأندلس، بينما نحن تركنا ما قد أنتجته هذه الحضارة الإسلامية في الأندلس.
فعندما أقول الأندلس، أضرب بهذا مثالاً على أوج الحضارة الإسلامية وبالذات من الناحية الاجتماعية، ففي الأندلس نجد التفاهم بين المسلمين، وبين المسلمين وغير المسلمين، واحترام الحق وقول الحق أمام القوي وأمام السلطان، والتمسك بقيم الفكر والقراءة، والدخول في كل ما يُظهر مُعجزات القرآن، هذه أساسيات الحضارة الإسلامية في الأندلس التي تركناها مع الأسف، حينما قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا" فهذه المبادئ جميعها كانت تُطبّق في عهود طويلة في الحضارة الإسلامية في الأندلس، كما قال كذلك: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره" نحن الآن أكثر من يجعل المسلم يكذب على المسلم ويظلمه ويخذله ويحتقره ومع الأسف الشديد رأيتها بعيني في داخل الدول الإسلامية وخارجها فنحن تركنا الأساسيات الاجتماعية الإسلامية وطبقها غير المسلمين فأينما ذهبتُ في الغرب رأيت الغربيين بين أنفسهم وبينهم وبين المسلمين يحترمون ويطبقون العدالة ويصدقون؛ بالتأكيد توجد استثناءات ولكن هذا هو السائد.
وهنا نشير إلى أنه في أوج الحضارة الإسلامية أجدادنا كوّنوا المؤسسات؛ فماذا تعني المؤسسات؟ تعني المؤسسات أنه عندما يفعل شخص ما الخير لا يفعله باسمه شخصياً وإنما كان يُكوّن وقفا، ويأتي الدعم لهذا الوقف الخيري وتدوم به المصلحة والمساعدة لأجيال طويلة، فإذا بُني مسجد كان هناك وقف يخدم المسجد لسنين طويلة، وإذا أرادوا مساعدة المظلومين في المجتمع لم يتبرعوا لهم فقط وإنما يكوّنون الأوقاف لدعم المظلومين حتى يستمر الخير لأجيال بعد أجيال، وأقول أيضاً أنه في أوج الحضارة الإسلامية كانوا يهتمون بعدة أشياء ليس فقط الطقوس الدينية، نعم كانوا يصلّون ويصومون ويزكّون والحمد لله، ولكن أيضاً كانوا يهتمون بالفن والرقص والموسيقى والإبداع، ولكن ما وصلنا إليه الآن من الانحطاط بحيث أصبحت هذه كُفراً، أساسيات حضارتنا الآن كفر وعلى أي أساس؟ ليس من القرآن والسنة، بل افتراء على القرآن والسنة، في رأيي المتواضع وتقليداً للكنيسة الكاثوليكية الأوروبية التي هي كانت تُحرم الرقص والموسيقى وما شابه ذلك.
نعرج الآن على السؤال الذي يطرح موضوع أوروبا والحضارة الغربية التي أصبح فيها علم الاجتماع من أهم العلوم مقارنة بالعالم الإسلامي الذي يُعتبر فيه علم الاجتماع من أسفل السافلين أو من العلوم التي تُعتبر منبوذة ومكروهة وغير مرغوب بها، فإذا سألنا تاريخياً ماذا جرى في أوروبا بالنسبة لعلم الاجتماع؟ جعلوا من علم الاجتماع طريقة علمية لحل مشاكلهم، فأوروبا كانت مليئة بالمشاكل ومنها المشاكل الإجتماعية، كانوا سابقاً تحت هيمنة الكنيسة الكاثوليكية التي كانت تجعل من الشعوب الأوروبية شعوباً مظلومة فأبقوا الشعوب فقيرة ومنعوها من العلم والتقدم الحضاري، بعد ذلك تطوّرت أوروبا عند تأثّرها بالحضارة الإسلامية الأندلسية حيث رفضت هيمنة الكنيسة وقررت الاتجاه باتجاه علمي، واستطاعوا حل مشاكلهم ليس بناءً على الشعوذة أو شراء صكوك الغفران لدى القسيس وإنما عن طريق دراسات علمية ومازالوا يقومون بهذا الأمر، بالإضافة إلى ذلك في أوروبا مثلاً يقومون بتكوين المؤسسات وبرامج تأهيل القيادات وتهذيب الأخلاق، فكلها مبنية على دراسات اجتماعية، مثلاً قاموا بتكوين فكرة أو نمط اجتماعي يسمونه بالإنجليزية "gentleman" وهو ما يقابل عند المسلمين أن تكون رجلا صاحب خُلق ومبادئ تُراعي المرأة والضعفاء والمساكين وتلتزم بالمبادئ وإن تطلب ذلك أن تُضحي بمالك ونفسك، أخذوا هذه الفكرة وطبقوها اجتماعياً فأصبح هناك رقي اجتماعي في أوروبا.
ماذا إذاً عن الماركسية؟ الآن علم الاجتماع تسوده أفكار ماركسية ولتوضيح ماذا نعني بالماركسية نذكر أنه كان هناك عالِم ألماني في أوروبا في القرن الماضي اسمه كارل ماركس وكان هناك الكثير من العلماء لكن هذا العالِم بالذات كان له تأثير كبير على علم الاجتماع ومازال هذا التأثير مستمراً في الشرق والغرب لأنه كان يدافع عن المظلومين، فقد رأى أن العمال في كل العالم، وخاصة في أوروبا أثناء الثورة الصناعية، كانوا مظلومين من نواح عدّة كالأجر والتقدم في الشركة ومن ناحية علاقتهم بالمدراء وعلاقتهم بالرئاسة، وكانت الطبيعة تؤذي وتقتل وتدمر من دون الحصول على تعويض لهذا الموظف المسكين، فأتى كارل ماركس وقال إن هذا غير صحيح ويجب أن يتغير ولأننا غير قادرين على تغييره بطريقة سلمية فيجب أن نُغيره إذا اضطررنا لذلك بطريقة غير سلمية، قال ندافع عن حقوقنا وإن تطلّب ذلك العنف ومحاربة الدولة الظالمة والسلطان الظالم. انتشرت هذه الفكرة عند ملايين المظلومين، وانتشرت أيضاً عند العلماء، فلماذا تبنى العلماء هذه الفكرة؟ لأنه وضعها في إطار علمي، فلم يقل أن رب العالمين هو من قالها، وإنما قام بإقناع القارئ بفكرته بطريقة علمية حيث استخدم مبدأ أعمل عقلك، فكثير من الناس نتيجة لذلك انجذبوا لهذه الفكرة ورأوا أن القائمين على الكنيسة الكاثوليكية في أوروبا وقتذاك كانوا يُمارسون الظلم، فاتفقوا معه في الأهداف وإن اختلفت مبادئهم فاتبعوا أفكاره والمنظمات التي انتمت إليها.
مع الأسف كثير ممن هم في العالم الإسلامي تأثروا بأفكاره ظناً منهم أن الأفكار التي تقدم بها والتي خرجت من المحيط الأوروبي هي مناسبة للعالم الإسلامي، ففكرة الماركسية هذه المتفقة مع فكرة الاشتراكية وفكرة الشيوعية أصبحت شئ مرغوب في العالم الإسلامي، ولكن هذا مبني على خطأ فكري وهو الخلط بين الهدف والوسيلة. الإسلام لا يشجعنا فقط بل هو الذي يجعل من الواجب علينا محاربة الظلم وأن تكون هنالك عدالة، ولكن ما نقوله ليس أن الدين هو من سبب الظلم ولكن نقول العكس أن الدين هو الذي يشجعنا على التخلص من الظلم إذا فُهم بالطريقة الصحيحة، فمع الأسف الشديد هناك من يحول الإسلام إلى أداة ظلم فهذا هو الخطأ، الآن ننتهي ونقول هنا أن الماركسية هي ثابت علم الاجتماع، وأنا عندما درست علم الاجتماع في الغرب وجدت في كل درس تقريباً هناك إشارات إلى الماركسية وتمجيد للفكر الماركسي.
العلماء في العالم الإسلامي الذين كان يفترض أن لديهم الإمكانية للرد على الماركسيين بطريقة مقنعة، إما كانوا ـ مع الأسف جبناء ـ يُوالون الحكومات لأنهم يخافون دخول السجن، أو أنهم يرون أن الفكر الماركسي هو الذي سيعالج مشاكلهم مع الأسف الشديد.
- بالحديث عن الماركسية والاشتراكية أستذكر أنه كان هنالك محاولات عديدة لتقديم تفسيرات اشتراكية للإسلام حول زمن البعثة وما بعدها، وحديث عن الطبقة البرجوازية الكبرى والبرجوازية الصغرى، حتى أنه يُمكن وصف سيدنا عُمر بأنه سيد الاشتراكيين، ومبدأ الاشتراكية عند سيدنا أبي ذر الغفاري رضي الله عنهم، فكانت هناك بعض المحاولات من الأفراد لاختراق الواقع الإسلامي من باب وجود تقاطعات كبرى أو توافقات كبرى بين الاشتراكية والإسلام.
- هذا صحيح وهذا جزء من عدة عوامل منها نمو الاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت الذي كان يحتوي على أجهزة كبيرة جداً فيما يُسمى بالبروباغندا في نشر وإيجاد طرق لكي يسندوا فكرياً مبادئ دولتهم الاشتراكية الشيوعية الماركسية، فاستطاعوا أن يتغلغلوا إلى عقول كثير من المسلمين، فأكثر المسلمين اليوم إذا تحدثنا معهم قد لا يقولونها بلسانهم وإنما يعتقد أن الاشتراكية صحيحة وأنها جزء من الإسلام وأساس حل مشاكل المسلمين، وعندما تناقشه وتقول كيف تكون فكرة تحارب الدين تتوافق في رأيكم مع مبادئ الإسلام؟ لا يُوجد توافق أبداً ولهذا لدينا عند كثير من المسلمين ما يعني في علم النفس وجود فكرتين متضادتين في نفس العقل، فبالتالي نحن بحاجة إلى من يشرح لكل مسلم أنه مبادئ الإسلام تقول أن الظلم مرفوض والعدالة مطلوبة ولكن ليس عن طريق التخلص من الدين كما فعل الشيوعيون والاشتراكيون بل بوجود دين إسلامي حنيف ولكن مبني على القرآن وليس على أشياء دخيلة أدت إلى خراب داخل المنظومة الإسلامية.
ذلك صحيح، فحتى ابن خلدون لم يسلم من هذا الاتهام ورأينا ما كتبه الباحث الهولندي دي بوير حول أن الدين لم يؤثر في آراء ابن خلدون بقدر ما أثرت الأرسطاليسية الأفلاطونية، ويقول أيضاً شميت أن ذكر ابن خلدون لآيات قرآنية للاستشهاد بها هو أمر هامشي وليس له علاقة جوهرية بتدليله، وتجرى الكثير من الأبحاث حتى الغربية التي تُشير إلى أن ابن خلدون قد حقق ما حققه بعد أن تحرر من ما يُسميه المستشرق الألماني فوق فون بأصفاد التقاليد الإسلامية، وذهبوا إلي أن ابن خلدون لا علاقة لمنهجه بالدين منهجاً وموضوعاً.
هناك خلاف كثير حول ابن خلدون وغير ابن خلدون، ولكن نعود ونقول في أي كتاب تستطيع أن تجد ما يؤيد فكرك، وكان الاتحاد السوفييتي بارعاً جداً في ذبذبة عقول الناس وجعلهم يؤيدون أفكار الاتحاد، ظناً من المجتمع أن الاتحاد السوفييتي يُمثل المبادئ التي يؤمن بها المجتمع ولكن في الحقيقة أنا قرأت لابن خلدون ويُمكن لي أن أفسره بأي طريقة أريد، ولكن واضح عندي عندما يقول ابن خلدون أن الدولة تزيد من الضرائب في النهاية تُهلك الاقتصاد ويتدمر أساس الدولة مالياً، فهذه الفكرة ليست اشتراكية هي ضد الاشتراكية، فإذا أردنا أن نرى في ابن خلدون ما يُؤيد مبادئنا وأفكارنا فهذا ممتاز.
بنفس المقياس هناك من يفسر حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته بأنه كان مع الأسف دكتاتورا، وأن بيده كل ما هو في مجال التسلط على حياة الناس. وهذا في رأيي خطأ شائع، فلم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم دكتاتوراً أبداً بل كان يجعل المتخصصين لديهم القرار في مجال تخصصاتهم، ولكن حينما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث معروف وواضح وصريح: "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه" فهذا يعني أنك لا تستطيع أن تقتل أحدا أو أن تسلب حقوقه أو أن تأخذ ممتلكاته. هذه أفكار ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم مضادة تماماً للاشتراكية والشيوعية والماركسية ولكن هذا بحاجة لتفهمه الأمة.
- عند الحديث عن علم الاجتماع يفخر المسلمون مباشرة بإسهامات ابن خلدون، ولكن قد يفوتنا استحضار تجليات القوانين الاجتماعية التي ظهرت بظهور الإسلام، يعني أول ما قام المجتمع الإسلامي وجاءت هذه الدعوة مخلّفة تراثاً إنسانياً فريداً وكل ما جاء من تشريعات بعدها ساهم في تعزيز ثنائية الروح والمادة عند الفرد الواحد، وكذا تعزيز التوازن بين ثنائية الفرد والمجتمع، مثلما يورد الكثير من المفكرين، فإذا كنا نرى بفكرة تأسيسات المتبعة لعلم الاجتماع في رأيكم هل نجد أصول علم اجتماع حاضرة في المجتمع الإسلامي الأول في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم؟
- كل علم له أساسيات ومن أساسيات علم الاجتماع أولاً: أنه علم ومبني على حقائق، ومن الأشياء التي ركّز عليها الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قبل اتخاذ قرار عليك أن تعرف ما هي الحقائق، والحقائق لا تأتي بالخيال أو النوم ورؤية الرؤى أو عن طريق الشعوذة والمشعوذين، ولكن الحقيقة تأتي عن دراسة الواقع ما لم يكن مقبولاً عند كل الناس في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، كثير من الناس كانوا متأثرين ببعض العلماء اليونانيين الذين كانوا يقولون يمكن معرفة الحقيقة عن طريق التأمل أو يمكن معرفة الحقيقة عن طريق الكهنة أو عن طريق السمو الروحاني بذاته، فأتى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال بأن كل شئ يلعب دوراً في تحسين حياة المجتمع نحن نشجع عليه، ولكن إذا أردنا أن يكون المجتمع أقوى فلتكن تصرفاته مبنية على الواقع.
قد يقول شخص ما: بما أن لدينا القرآن، فلماذا نتكلم عن الواقع؟ لأن القرآن نفسه يقول لنا تفكروا وتدبروا؛ أي تعلموا عن الواقع. ولذلك عندما يقول القرآن لنا صلّوا ونريد أن نعرف متى نصلي حسب تعاليم القرآن وبناء على توصيات القرآن، نفكر في الواقع ونخترع الأجهزة التي تعطينا واقعياً موقع الشمس لمعرفة وقت الصلاة، إذاً لماذا لا يؤمن كل مسلم بهذا الشيء؟ ولماذا لا تُدرس السيرة النبوية لنا بهذه الطريقة؟
هنا تكمن الإشكالية لأننا كلما درسنا علم الاجتماع في مجتمعاتنا هنا مع الأسف أو في مدارسنا الإسلامية أو عند علماء الدين، إما يجعلون الواقع شيئا هامشيا وغير مهم أو يجعلونه أهم من القرآن أو بمستوى القرآن كأن يقول: نعم القرآن مهم ولكن دعنا نتعامل بواقعية، هو لا يعترف ولكنه يُعامل القرآن على أنه فلسفة ويعتبر الفلسفة شيئا ثانويا أو غير مهم أو مرفوضا، فنحن نقول: اقرأ القرآن وتدبر آيات القرآن وبناء على ذلك كن عالماً لا جاهلاً، وإذا قلت شيئاً فليكن كلامك مبنياً على الواقع الذي يأمرك القرآن بأن تكتشفه وتنظر فيه.
لماذا إنهاض الأمة يشترط مبدأ التكامل في العلوم؟
- في الحقيقة أستاذ في محور اهتمام أوروبا بعلم الإجتماع صنف أوغست كونت علم الاجتماع في أعلى هرم العلوم وسماه علم العلوم وأشار إلى أنه آخر العلوم نضوجاً؛ ذلك أن الظاهرة الاجتماعية كما هو معروف غالباً هي من تصنع ما تحتها من صناعة وتجارة وكلها توابع للظاهرة الاجتماعية، ففي رأيكم هل ما تزال هذه النظرة قائمة عن علم الاجتماع أنه في أعلى هرم العلوم؟ وهذا فيما يرتبط بأوروبا. فيما يتعلق بالعالم الإسلامي والعربي، هل وصلت لنا هذه القناعة أم ما نزال نعتقد أن العلوم الإنسانية بصفة عامة وعلم الإجتماع بصفة خاصة هو أدنى من العلوم الأخرى.
- هذه فعلاً نقطة مهمة! ومن الضروري جداً أن نحلها في جميع المجتمعات وخاصة في العالم الإسلامي ولها عدة جوانب وأحد تلك الجوانب هو أنه هناك فكرة تقول أن العلوم التطبيقية هي أهم من العلوم الفنية، فالعلوم الفنية مثل الهندسة ومثل الطب كانت أوروبا تعطي لها مستوى أعلى من الاهتمام والتقدير أكثر من غيرها من العلوم كعلم الاجتماع والتاريخ أو علم الاقتصاد والرسم وغيرها، لأنهم أثناء الثورة الصناعية في أوروبا كانوا يهتمون بالإنتاج، والإنتاج بحاجة إلى أخصائيين وأشخاص يعرفون التقنيات لكي تنجح المصانع فلذلك كانوا يضعون هامشاً الفنون ويعتبرونها مجرد هوايات أو لأصحاب الوقت الزائد والمال الزائد.
ولكن جهابذة العلماء في أوروبا أظهروا بشكل واضح أنه من دون بنية اجتماعية قوية ومن دون بنية اقتصادية قوية وكذلك سياسية كل هذه الصناعات والتقنيات سوف تزول، وقد حصل هذا وأكبر دليل على ذلك هو الحروب المدمرة في أوروبا وهي أكبر حروب وأتعس حروب في تاريخ البشرية تلك التي بدأت في أوروبا ودمرت أوروبا ودمرت العالم، وأكثر دولة قتلت وذبحت البشرية هي الاتحاد السوفييتي التي كانت مبنية على التقنية ونبذ الدين ومحاربته بناء على أفكار وهمية ومنها أن المجتمع هو أداة بيد الدولة تفعل به ما تشاء.
فما أقوله هنا هو أنه إذا أردنا إنهاض الأمة وإعادة الحضارة الإسلامية فلا نقول أن في العلوم هرم أو ما شابهه ولكن أقول أن كل العلوم مهمة ولكن يجب أن نعلم أن أي تقدم صناعي وتقني يجب أن يكون مبنياً على مجتمع ناجح وأي مجتمع ناجح بالطبيعة سوف ينتج عنه التقنيات المطلوبة للمجتمع.
ـ أحبذ يا أستاذ أن تحدثنا عن موضوع التداخل والترابط بين مجموع العلوم الإنسانية وعلم الاجتماع وبما معناه حاجة كل علم للآخر ومدى التكامل بينهما فلو نظرنا إلى علم الاجتماع نجده يدرس السياسة لمعرفة تأثيرها في المجتمع، أما عالم السياسة فيدرس المجتمع لمعرفة طبيعة المجتمع وكيفية التأثير فيه وما يناسبه وهكذا بالنسبة لعلم الاقتصاد مثلاً وغيرها، في رأيك هل يوحي لنا هذا بأن حلول مشاكل الأمة مركبة ولا تستقيم بالتفرد بعلم واحد وإنما بمحاولة التميز والتفرد في كلها؟
ـ طبعاً والقرآن واضح في هذا، وأنه لابد من الإحسان والإتقان والعمران والتميز، وأنا شخصياً تأثرت بأفكار المرحوم إسماعيل فاروقي الذي كان يدعو إلى التوحيد، ويقول بأن كل ما خلقه رب العالمين وخاصة العلوم هي ضمن منظومة واحدة مترابطة متشابكة لا نستطيع أن ننجح في إحداها من دون الأخرى، فبالتالي كما تفضلت الكل متشابك ومترابط، ولكن قد نقول نعم هذا بديهي فما الإشكال؟ الإشكال يأتي حينما ننظر مثلاً إلى الجامعات في عالم اليوم، كل جامعات العالم، وما سأقوله الآن موجود في كتاب طبعه المعهد العالمي للفكر الإسلامي عن إصلاح الجامعات للمؤلف ضياء الدين سردار يقول في هذا الكتاب أهم ثلاث أفكار وهي الآتية: كل جامعات العالم مهما كانت ضعيفة أو قوية أو غربية أو شرقية مع الأسف فيها ثلاث إشكاليات.
ـ المشكلة الأولى: أنهم يضعون من كل علم نوع من التغلغل والعمق من دون النظر إلى العلوم الأخرى، فمثلاً تجد شخص متخصص في علم الطب وفي داخل علم الطب طب الأطفال وفي داخل طب الأطفال علم طب الأطفال الجراحي وفي داخل طب الأطفال الجراحي جراحة الأرجل، وهكذا.. ففي كل علم هناك دخول عميق يجعل المتخصص يعرف الكثير عن النطاق الضيق لتخصصه ولكن لا يعرف شيئاً عن العلوم الأخرى سواء القريبة من علمه أو البعيدة عنه، ولكن لا نلوم العالِم بنفسه وإنما نلوم النظام التعليمي الذي ركز على العمق من دون التوحيد والتطلع على التشابه، فهذه مشكلة في كل الجامعات.
ـ المشكلة الثانية: هي البعد عن الروحانية، فمهما درست من علم إذا لم يتوفر اعتراف بالروح وأساسيات الخلق القرآني فإنك سوف تخلق شخصاً ناجحاً جداً في الهندسة مثلاً وقد تصرف عليه مئات الآلاف أو ملايين الدولارات في أن يتوصل إلى أعلى الدرجات العلمية، ولكن ماذا يستفيد العالم إذا كان يسرق ويفسد ويدمر؟ إذاً نقول: إن البعد الروحي مهم جداً.
ـ والمشكلة الثالثة: أن الجامعات لا تنتج من يسعى ليُغيّر العالم إلى الأفضل، فهي قد تنتج مؤهلا يحصل على العمل، ولكن هذا لا يكفي للعالم، فلدينا مشاكل كثيرة جداً في البيئة وفي الحروب وفي التهجير وفي الظلم.
فهذه المشاكل لا تُحل بشخص يعرف تاريخ البابليين من الألف إلى الياء، وإنما نريد من كل شخص أن يتعلم كيف يكون لديه الأدوات لتغيير العالم إلى الأفضل، ولا يأتي في بالي ولا جامعة في العالم تفعل ذلك كمنهجية، نعم يوجد أشخاص يُغيّرون في العالم وإنما هذا رغم تعليمهم وليس بسبب تعليمهم.
نعود فنقول بالنسبة لترابط العلوم لا يمكن أن تفهم علماً واحدا دون أن تهتم بفهم العلوم الأخرى، ولا يمكن أن تبني اقتصاداً ناجحا إلا إذا اعترفت أن التعامل الاقتصادي مبني على الثقة، فإذا لم تتوفر الثقة بين الناس لن يتوفر الاقتصاد فمن أين تأتي الثقة؟ الثقة تأتي من التربية، والتربية هي جزء من علم الاجتماع التربوي، وهو تخصصي، وهو الذي تطرقنا إليه في كتابي "التربية الوالدية" إلى حد ما، ولكن حتى بالنسبة للعلوم المجردة كعلم الفيزياء، فإنه من الضروري أن يتفاهم علماء الفيزياء فيما بينهم كي يتقدم علم الفيزياء، وهذه القدرة على التفاهم لا يخلقها علم الفيزياء، وإنما علم الاجتماع؛ فإذاً هناك ترابط، وإذا أنكرنا هذا الترابط أو لم نهتم به، فستكون لدينا مشكلة.
ـ في رأيك أستاذ هل مازلنا في حاجة إلى السعي في أسلمة المعرفة أم الذهاب في محاولة إنشاء نموذج إسلامي للمعرفة بشكل مُغاير؟
ـ نحن قد وصلنا إلى مرحلة أن العناوين ليست هي المهمة فنحن نهتم بالهدف، يقوم الآن المعهد العالمي للفكر الإسلامي بمشروع إصلاح التعليم في العالم الإسلامي، فلنتفق على ضرورة إصلاح التعليم بغض النظر عن العنوان الذي نستخدمه سواء أسلمة المعرفة أو تكامل المعرفة أو ما شابه ذلك، ما يجعلني أتفاهم وأتعامل وأتعاون مع غير المسلم في تحسين المناهج هو أن نتفق على أن المناهج الحالية تعيسة، بعد أن اتفقنا على ذلك ما هي الخطوة التالية؟ الخطوة التالية هي إيجاد مناهج ناجحة بالدراسات الميدانية الواقعية، إذا أردنا أن نبني جهودنا على الطرق الناجحة والتي أثبتت قدرتها على كفاية الأمة، نعرف بالضبط الحقائق ونبدأ بالحقيقة ثم نبني عليها ما هو المطلوب، نحن في السابق كنا نقفز للدخول في مشاريع مهمة ومفيدة من دون معرفة الواقع، فبالتالي نجحت بعض الجهود ولكن الكثير منها تبعثرت وصُرفت الملايين ولكن لا نجد ما يبرر صرف تلك الملايين من الدولارات والأموال الباهظة، لذلك فلنتفق بغض النظر عن المؤسسات والعناوين على الإصلاح والإصلاح ينبني على الحقائق والدراسات الميدانية وبالتالي سوف تكون مرحلة طويلة المدى وتحتاج إلى دعم للوصول إلى المعلومات الأساسية ولكن النتائج إن شاء الله عندما يتوفر لدينا استثمار في المستقبل ستكون هي المطلوبة.
ـ هناك سؤال يقول صاحبه من الجمهور ما هي أسباب ضعف الدراسات الاجتماعية عندنا؟
ـ أنا تطرقت لهذه الأسباب عندما قلت أنه لدينا كسل ونفاق وجهل، تخيل أنه يوجد شخص جاهل ويعترف ويقول أنا جاهل ولكني مستعد للتعلم، وشخص آخر جاهل ويقول لا أريد أن أتعلم وهذا يواجهنا في علم الاجتماع بالإضافة إلى العلوم الأخرى، إذاً الجاهل الذي يُريد أن يتعلم تستطيع أن تتفاهم معه حتى إذا رفض العلم الذي تقدمه له، أما الذي لا يُريد أن يتعلم فهذا نبذه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بمثابة حجر عثرة في تقدم الأمة مع الأسف الشديد، فعلم الاجتماع عندنا ضعيف جداً لعدة أسباب منها أن كثير منا لا يعلم ولا يُريد أن يعلم، فإذا قلت أنه لدينا حل لمشكلة الطلاق في العالم الإسلامي، أو مشكلة الكذب في العالم الإسلامي، فقد يأتي من يقول لا نريد أن نعلم شيئاً جديداً فقط نكتفي بالقرآن والسنة، هذا لا يكفي فقط فالقرآن والسنة يُطبقان والتطبيق يأتي عن معرفة والمعرفة في عالم اليوم تدخل في علم وهذا العلم اسمه علم الاجتماع، شئت أم أبيت هذه سنة الله في الأرض وُضعت أمامنا، فمثلاً إذا كُسرت يدك لا سمح الله تذهب للطبيب ولا تذهب للسباك، بديهياً فإذا كانت لديك مشكلة اجتماعية في المنزل مثلاً أو في أي مكان ستذهب لعالِم الاجتماع أو المتخصصين في ذلك العلم.
ـ ما مدى إعادة النظر في المناهج والعلوم الغربية وقد كنت تتحدث حول قضية المناهج والجامعات وإعادة صياغتها وفق رؤية إسلامية؟
ـ أولاً نحن غير متفقون حول ما هي الرؤية الإسلامية فهذه إحدى الإشكاليات، نعم توجد جهود من ضمنها ما فعله المرحوم الدكتور إسماعيل الفاروقي عن طريق تأسيسه المعهد العالمي للفكر الإسلامي، فهو قام بطرح رؤية إسلامية لكنه لم يدّع أن هذه هي الرؤية الإسلامية بل كان متواضعاً وقال: "هناك أفكار لإعادة الحضارة الإسلامية، وفكرتي ليس بالضرورة أنها أفضل من فكرة غيري ولكن نطرح الأفكار لنتداولها، ومن أراد أن يأخذ بفكرتنا أهلاً وسهلاً ومن لم يُرد ذلك له الحق في ذلك ولا ندعي لأنفسنا الحق ولكن نحن نحاول أن نصل إلى الحق من دون أن نقلل من قيمة أية جهة أخرى أو شخص يريد أن يتوصل إلى الحق".
ـ كيف تصفون لنا تجربتكم في دراسة وتدريس علم الاجتماع في أمريكا والعالم الإسلامي؟
ـ مع الأسف تجربتي سيئة جداً، وبالرغم من أني كنت أحصل على أعلى الدرجات في كل دروسي وخاصة في علم الإجتماع، ولكن كثير منها كان مثبّطاً وكان يجعلني أقول في نفسي أن علم اجتماع في الطريق الخطأ مع الأسف وليس في الطريق الصحيح وذلك عندما كنت طالباً وعندما كنت مُدرساً ورأيت مناهج علم الاجتماع في العالم الإسلامي وخارج العالم الإسلامي.
وأيضاً بكيت لأن أكثر ما يُدرّس إن لم يكن كله يُخرب عقول الطلبة، ولا يمكّنهم من بناء حضارة ناجحة أصلاً سواء حضارة إسلامية أو غيرها إلا في مجالات محدودة.
فمثلاً عندنا في علم الاجتماع تطورت طُرق البحث، وطرق البحث الكمي والنوعي هذه الآن فيها إمكانيات هائلة جداً وفي علم الإحصاء طبقوا علم الإحصاء على جمع المعلومات الاجتماعية وأصبح فيها تطور هائل جداً ولكن غير هذا وبعض الاستثناءات الأخرى أنا مع الأسف أقولها أن وضع علم الاجتماع ضعيف جداً وأنا أحد أسباب هذه المشكلة لأنني لم أقم بالواجب تجاه أساتذتي في نقدهم وتجاه طلبتي في إعانتهم على تغيير الوضع المؤسف لعلم الاجتماع سواء في الدول المتقدمة أو غير ذلك، أما إذا كان علم الاجتماع وصفي فقط طبعاً له جانب نظري وجانب وصفي وبالتالي لا ينجح الواحد دون الآخر، ومع الأسف الشديد كما أشرت سابقاً أن كثير من الناس وخاصة المسلمين يقولون أن الفلسفة غير مهمة.
عند النظر في حياتك وإلى كل شئ فيها ستجد أن ما تفعله مبني على فلسفة معينة سواء اعترفت بذلك أم لا فأنت تمارس نمط من الحياة، وهذا النمط قد أتى من فلسفة معينة وقد تكون خليط بين عدة فلسفات، فالفلسفة شيء أساسي، وقد تطورت في الحضارة الإسلامية تطوراً كبيراً ومن ثم نبذناها بعد ذلك؛ لأن الأوروبيين استعمرونا ونحن رضخنا لأوامرهم وتحجرت عقولنا نتيجة لذلك، وتناسوا في العالم الغربي أننا نحن المسلمين طورنا الفلسفة في الحضارة الإسلامية إلى أعلى المستويات.