تعتبر المرأة عنصرا أساسيا وطرفا ضروريا في المجتمع، وهي النواة الحقة في تكوين الأسرة المؤسسة للمجتمع، ولا يمكننا الحديث عن المجتمع دون إقحام موضوع المرأة فيه، ويرى البعض أن المرأة هي نصف المجتمع، في حين أنني أخالفهم الرأي وأعتبرها هي المجتمع كله، اعتبارا لصلاحها أو فسادها، بمعنى أوضح إن صلحت المرأة صلح المجتمع، وإن فسدت فسد المجتمع، والمرأة هي المربية والمدرسة، والمسؤولة في إعداد الناشئة والخلف، وهي كذلك منبع الحنان والعطف والرأفة، وكلها صفات غريزية في النساء جعلها الله في قلوبهن.
وللمرأة دور كبير وفعال حالها حال الرجل، فقد شاركت وساهمت عبر مر التاريخ في صنع القرار في مختلف مجالات الحياة الدينية والاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية...، فالمرأة شقيقة الرجل كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم: " النساء شقائق الرجال" [1].
وللمرأة مكانة مرموقة في كل المجتمعات، لا ينكرها إلا جاهل أو حاقد، فهي الأم الحنون، والزوجة العطوف، والبنت الودود، والأخت العزيزة...[2]، والمرأة أساس تطور الحضارات ونهوضها، و سبب ازدهار المجتمعات وقوتها، صدق الشاعر حافظ إبراهيم حين قال :
الأم مدرسة إذا أعددتها *** أعددت شعبا طيب الأعراق
وكما هو معلوم أن للمرأة مكانة عظيمة وقيمة رفيعة في الاسلام، حيث كرمها وأحسن تكريمها بتخصيص سورة في القرآن الكريم تتحدث فيه عن المرأة وتسمى بسورة "النساء"، وكرمها أيضا منذ طفولتها حيث قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار[3].
كما فرض الإسلام عقابا شديدا على من ينعت المرأة في عرضها وشرفها، وجعل عقوبته الجلد ثمانين جلدة، ومن كرم الإسلام أيضا وصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم على المرأة في حجة الوداع، فقال: "استوصوا بالنساء خيرا" [4]، وهذا من كرم الله تعالى على المرأة ذكرنا بعضه على سبيل الذكر لا الحصر.
وللإسلام دور كبير في إنصاف المرأة وصون حقوقها، وشرع الشرائع لحفظها من كل سوء وحمايتها، ومن حقوقها، حق المساواة في الإنسانية بعد أن كانت مضطهدة في الجاهلية، ومحتقرة، كذلك الحق في التعلم واكتساب معارف وعلوم مختلفة، الحق في التملك، حيث قال تعالى: "للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن" [5]، الحق في الإرث بعد أن كانت محرومة منه أيام الجاهلية، قال تعالى: "للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا" [6]-[7].
وهناك كثير من الحقوق حفظها الإسلام للمرأة لا يسعنا ذكرها مفصلة في مقالنا هذا خشية الإطالة والإطناب فيه. وهدفنا من كتابة هذه الجمل المعبرة، والأسطُر المتتالية، والفقرات الماتعة، هو الرد على الذين يبخسون عمل المرأة ودورها في المجتمع، والمسيئين إليها بشتى الوسائل والسبل لقبر دورها وهدم قيمتها وطمس هويتها، وعلى عكس هذا بل يجب رفع قبعة الاحترام والتقدير والامتنان لهن بسبب ما يقدمن من خدمات جليلة للأسرة والمجتمع، ومهما ألفنا ودونا وخططنا من مقالات وكتب ما وفيناهن حقهن...