قد جرى على يد رسولنا صلوات الله وسلامه عليه العديد من الخوارق الحسية والكونية، التي شهد لها مَنْ حضرها آنذاك، وجاءت بها الأخبار الصحيحة، ومن تلك المعجزات الحسية ما يلي:
أ ـ انشقاق القمر:
من المعجزات الخارقة التي أيّد الله بها محمّداً صلى الله عليه وسلم حين سألته قريش أن يريَهم ايةً تدلُّ على صدقه، فأراهم انشقاقَ القمر، فلمّا رأوا ذلك قالوا: هذا سحرٌ منه صلى الله عليه وسلم لأعينهم، إلاّ أنَّ بعضَ القوم قالوا: انظروا ما يأتيكم به السفّار، فإنّ محمداً لا يستطيع أن يسحرَ الناسَ كلهم، فلما سألوا مَنْ قدم عليهم من المسافرين أجابوهم برؤية القمر وقد انشقّ إلى نصفين.
وقد أثبت القرآن هذه المعجزة صراحةً في قوله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ *} [القمر : 1 ـ 2]. كما جاءت بها أحاديث صحيحة ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إنّ أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهَم ايةً، فأراهم انشقاقَ القمر.(مسلم،2011، ص26)
ب ـ نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم على مرأى ومشهد من الصحابة:
ومن ذلك ما روي عن جابر رضي الله عنه قال: عطش الناسُ يومَ الحديبية، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوةٌ، فتوضَّأ منها، ثم أقبل الناسُ نحوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما لكم»؟ قالوا: يا رسول الله ليس عندنا ما نتوضَّأُ به، ولا نشربُ إلاَّ مِنْ ركوتِكَ، فوضع النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ في الركوةِ، فجعل الماءُ يفورُ من بين أصابعه، كأمثال العيون قال: فشربنا وتوضَّأنا، قلت لجابر: كم كنتم يومئذ؟ قال: لو كنا مئةَ ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مئةٍ. وقد علّق القاضي عياض على ما ورد من أحاديث حول هذه القصة قائلاً: هذه القصةُ رواها الثقات والعددُ الكثيرُ عن العدد الكبير من الصحابة، ومنها ما رواه الكافة عن الكافة متصلاً بالصحابة، وكان ذلك في مواطن اجتماعِ الكثيرِ منهم في المحافلِ ومجمع العسكرِ، ولم يَرِدْ عن أحدٍ منهم إنكارٌ على راوي ذلك، فهذا النوع ملحق بالقطعي من معجزاته.
ج ـ معجزة الإسراء والمعراج:
قد سجل القران هذه المعجزة في قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ *} [الاسراء: 1].
كما أشار القرآن الكريم إلى بعض تلك الآيات التي أراد أن يريها لعبده محمّداً في قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى *عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى *عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى *إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى *مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى *لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى *} [النجم : 13 -18].كما سجلت تفاصيلها أحاديثُ الرسول صلى الله عليه وسلم.(عياض،2004، ج1، ص497)
د ـ معجزات أخرى:
ومن تلك المعجزات المادية: معجزةُ تكثير الطعام القليل، حتى أشبعَ العددَ الكثير، ومعجزةُ حنين الجذع، واستجابةُ الجماداتِ لدعائه لها، وإتيانها له، ومعجزات إبراءِ المرضى، وردّ ما انفصل من بعض أجزاء الإنسان، وغير ذلك من الآيات.