يعد قطاع التعليم القاعدة الأولى التي تبني عليها الدول بقية أساساتها، لما يقدمه من تطوير وتكوين للمكون الأساسي للنهضة ألا وهو الإنسان، لذلك كان للاهتمام بما يقدم هذا القطاع تأثير مباشر لتطوير مختلف قطاعات الدولة، فالتعليم يطورها من خلال تكوين إطارات متخصصة في مختلف المجالات التي تسهم بدورها في حل المشكلات التي تحول دون التنمية والازدهار، وأي تقصير في قطاع التعليم هو بالضرورة تقصير في باقي القطاعات ومنه هشاشة وتصدع جميع مكوناتها.
من ضمن المؤشرات المعتمدة في تقييم قطاع التعليم نسبة الأمية، والتي ترتبط بشكل أو بآخر بنسبة المنخرطين في مختلف الأطوار التعليمية، كذلك الهياكل المسخرة من أجل استقبال المنخرطين ومدى انتشارها وتوسعها في مختلف أرجاء الدولة.
إذا أردنا أن نقوم بجولة تفقدية لمعرفة مدى انتشار الهياكل التعليمية في الدول العربية والإسلامية، وكذلك الإمكانيات المسخرة لتسهيل الالتحاق بها من طرف القاطنين بالأرياف والتجمعات السكنية العشوائية والمتفرقة، نجد أن الكثير من أهالي القرى والمداشر يعانون من مشاكل توفر الهياكل وكذلك الوسائل التي تساعدهم للإلتحاق بصفوف الدراسة، أين نجد في مصر نحو 10 آلاف و297 قرية مصرية تمثل 24% من إجمالى القرى والتوابع فى مصر محرومة من مدارس التعليم، ويعود ذلك أساسا لانعدام الوسيلة بشكل تام أو انعدام عامل الأمن فيها بالشكل الذي يسهل عملية الالتحاق بالمؤسسة التعليمية.
في بوكوتا -أندونيسيا- يخاطر الأطفال بحياتهم للذهاب إلى المدرسة، يقطعون المسافة بين الهضبتين بجر أنفسهم على هذا السلك المعدني، يقطعون ثمانمائة متر مرتين في اليوم، إذ أنّ مدرستهم تقع في الجانب الآخر من ريو جانيرو (النهر الأسود)، أما في الشتاء يكون التركيز أكثر على الجانب الأمني، وفي أغلب الأحيان تستخدم أغصان الأشجار والقش لمقاومة الرياح، وتجنب الموت هناك، على الجانب الآخر في مشهد خطير أودى بحياة عشرات من الأطفال ناهيك عن العزوف الكلي عن الالتحاق بمقاعد الدراسة.
التلميذ الجزائري هو الآخر لم يسلم من مخاطر التنقل في مسافات هائلة للالتحاق بصفوف الدراسة في مختلف ولايات الوطن في ظل انعدام وسائل النقل المدرسي، وفي هذا الصدد، أكد بعض أولياء التلاميذ أن أبناءهم مجبرون على قطع مسافة طويلة مليئة بالمخاطر صباحا ومساء للالتحاق بمدارسهم، إذ يجتازون الطرق الرئيسية ويقطعون الوديان ويمشون بين الأحراش، فضلا عن اجتياز بعض المسالك الجد وعرة التي لا يمكن للتلاميذ الصغار قطعها، الأمر الذي اضطر أغلب الأولياء إلى مرافقة أبنائهم عند ذهابهم وإيابهم من مؤسساتهم التربوية، فيما يسيطر الخوف والقلق على باقي الأولياء الذين لا تسمح ظروف عملهم بمرافقة أطفالهم إلى مدارسهم، وبالإضافة إلى ذلك، فإن عناء الذهاب والإياب يوميا إلى المؤسسات التربوية مشيا ولمسافة طويلة جعل التلاميذ عرضة للتعب والإرهاق الأمر الذي ساعد في تضاءل محصولهم الدراسي.
هذا ولا زالت الصحراء السورية تعاني من أزمة انعدام الهياكل، وذلك نتيجة الترحال وعدم الاستقرار ومنه صعوبة المواصلة في الدراسة، فبات الأهالي يمنعون أطفالهم من الالتحاق بصفوف الدراسة نظرا لبعد وخطورة التنقل للأطفال هناك مما أدى إلى إرتفاع معدل الأمية بين القبائل البدوية.
5 حلول تعمل عليها بعض الدول لحل الأزمة
يستعرض هذا الفيديو بعض الحلول
- في كولومبيا وعدت الحكومة الكولومبية بإنشاء خطوط التلفريك للتغلب على هذه المشكلة.
- فى أندونسيا أُنْشِئَت العديد من المراكز فى جميع أنحاء الجزر.
- أما فى صحراء سوريا فقد أنشئت المدارس المتنقلة لنشر التعليم فى المناطق النائية، حيث يمكن للبدو أن يتعلموا وفقا لتقاليدهم ولاسيما أن شيوخ القبائل يؤكدون أن مدرستهم هي الصحراء.
- وفي مصر هناك مشروع E- Learning التعليم الإلكتروني بالمناطق الحدودية وذلك لتوفير بيئة تعليمية عن بعد وإتاحة فرص التعليم للأطفال في هذه الأماكن البعيدة، وهذا يؤدي إلى تحقيق الإتاحة في التعليم حيث يتم الوصول لأماكن لا توجد بها مدارس، وبذلك يتم التواصل مع المتعلم في أي مكان في حين أن هيئة الأبنية تحتاج من 80 إلى 90 مليون جنيه لبناء مدارس في هذه المناطق.
- في الجزائر تعد وزارة الدولة بتوفير ميزانية متخصصة للحافلات للتلاميذ في مختلف الولايات.
ورغم تنوع الحلول المقترحة في مختلف الدول إلا أن ما يلمس من نتائج في أرض الواقع لازال شحيحا ولازالت الأزمة تعرض حياة آلاف الأطفال للخطر، إضافة لما ينتج عن هذه المشكلة من تدني في مستوى التحصيل لأطفال في تلك المناطق، نظرا لما تستنزف المسافات الطويلة من طاقة كان الأولى بها أن تبذل وتخصص للدراسة والتحصيل العلمي، هذا ويبقى السؤال المطروح في ظل استمرار أزمة الهيكلية التعليمية ووسائل النقل: متى يمكن أن نرى حلولا نهائية لمثل هذه الظواهر؟