يعتبر ملف «المؤشر» أحد أدوات عُمران لصناعة الوعي الحضاري، نتناول فيه العديد من المشكلات والأزمات التي تواجه الأمة، مع محاولة اقتراح الحلول الممكنة، يتميز هذا المحتوى بالتنوع ما بين المقالات والفيديوهات والدراسات.
ولقد نشرت قناة عمران في يوتيوب سلسلة فيديوهات قيمة مطلعَ الشهر المنصرم من تقديم أ. ماجد سعيد، كمساهمة منه في مؤشر «التعليم الإبتدائي والصحة»، تتكون هذه السلسلة من ست حلقات تأتي تحت عنوان «خواطر معلم»، وقد تطرق فيها إلى أبرز المشكلات التي تقف عائقا أمام تطوير وتجويد التعليم الأساسي، وتميز الطرح بالأسلوب الشيق والمرن الذي يجمع بين الاختصار والفائدة والموضوعية.
يفتتح أ. ماجد سعيد سلسلة الفيديوهات بمحاولة تشخيص مشكلة التعليم الأساسي في ثلاثة محاور أساسية، وهي المعلم، المحتوى، والإمكانيات المتاحة.
مشكلة سوء اختيار المعلم
بداية بالحلقة الأولى، تطرق أ. ماجد إلى مشكلة سوء اختيار المعلم، ويُعرّفها بأنّها عملية مبنية على تراكمات وخلفيات وأسباب كثيرة يذكر منها: إهمال كبير للتخصص في عالمنا العربي، وقد أصبح التعليم اختيارًا ثانويا عشوائيا غير مبني على أي أسس أو شروط، بعكس الدول المتطورة كفلندا مثلا والتي يخضع فيها المترشح لمراقبة دقيقة وشروط صعبة كي يلتحق بعد تجاوزها إلى أداء مهمة التعليم.
يرجع الأستاذ مشكلة سوء اختيار المعلم إلى أسباب عديدة منها زهد وقلة الدخل المادي، وسهولة الالتحاق بقطاع التعليم مقارنة بغيره من القطاعات، بحيث يتم ذلك من خلال المقابلة التي تخرج عن مجال التخصص، كما تُعدّ شكلية نظرا لخروجها عن الأطر المُحددة لها أحيانا كثيرة.
تدني مرتب المعلم
من أبرز مشاكل التعليم الأساسي في وطننا العربي "المرتبات الشهرية" التي يتقاضاها المعلم، بحيث يصل في بعض البلدان العربية لأقل من 100 دولار شهريا، في حين يصل في بعض الدول المتطورة كاليابان إلى 5000 دولار!
يرى الأستاذ أنّ الحل يكمن في أمرين:
- الحل الأول: الكفاءة هي معيار الزيادة، وهذا الحل لا يصلح في جميع المنظومات التعليمية خاصة تلك التي لم تعتمد نظام الكفاءة في تقويمها الأول.
- الحل الثاني: في الكفايات المهنية، أي الارتكاز على التطوير في الشهادات والدراسات من مختلف الجوانب المعززة في مهنته في التعليم والتي على أساسها يتم الزيادة، وهذا يساعد في إعادة هيكلة منظومة التسديد وتوجيهها بشكل مستحق.
المحتوى
في البداية أبرز مقدّم السلسلة نقطة الاختلاف بين المنهج والمحتوى، مبرزا أنّ المنهج يختلف عن المحتوى فهو أوسع، بحيث يتضمن الكتاب المدرسي، وطرائق التدريس، وفلسفة المجتمع التعليمي، أما المحتوى فهو المادة الدراسية.
للأسف أصبحت المواد الدراسيّة في بعض دول وطننا العربي موادًا ميتة، فنجدّ أن اللغة العربية مثلا هي مادة جافة تتضمن القواعد، في حين تُهمل وتهمش نماذج مبدعة، والتي تعتمد على فن التشويق، كذلك خلو مادة الرياضيات من روحها الواقعية، وبقائها في وسط جامد لا يربط مع الواقع، ورغم وجود العديد من النماذج المبدعة إلا أن المحتوى النمطي ما زال يقيدها، "وما نحتاجه حقا هو تغيير المحتوى من محتوى ميت إلى محتوى حي، تحت عنوان التعليم للحياة!" بهذا ختم حديثه في هذا المحور..
أول يوم تدريس للمعلم
في بعض الدول العربية، يلقى الاهتمام بالمحتوى والأوراق الالتزامية والتنقيط وغيرها، أهمية أكبر من الاهتمام بمستوى المعلم نفسه من كفاءة وعطاء علمي، مع العلم أنّ هذه الأوراق تُتابَع من قِبل الموجهين، والمؤسف في الأمر أن معظم الذين يلجؤون للتوجيه هم بالدرجة الأولى الفاشلون في مهمتهم التعليمية واتخذوا من مهنة التوجيه كمهرب..
الحل هنا يكمن في تطوير المعلم لنفسه، ويقترح في هذا الباب ضرورة الدخول في التدريب عن طريق تعميم ما يسمى بالماجستير المهني في التربية (MIA)، وهذا يتضمن العديد من الدورات المهنية في التعامل مع التلاميذ والإدارة وحتى التعاملات النفسية والتي تساعد في تطوير قدرات المعلم في التعامل مع مهنته.
مشكلة ضعف الإمكانيات
يُؤكد أ. ماجد في هذا المحور أنّ المعلم المبدع يستطيع تذليل عقبات شح الامكانيات وقلتها، وذلك بخلق أجواء ذكية وإبداعية للتعليم، واستدل بذلك ببعض النماذج المبدعة التي استطاعت في ظل إمكانيات بسيطة أن تحقق الفارق.