إن أبرز مؤشرات النجاح المؤسسي استمرار العملية الانتاجية في الظروف المعقدة Continual Business Process، وإن أي فريق دعوي لا بد لقيادته التشييك على عجلة الإنتاج الدعوي، ولا يقبل الداعية التوقف مع عامة المتوقفين، إذ أن الظرف المعقد يحمل معه أدوات تجاوز ذلك التعقيد، وحاشا لله أن يأتي للبشر بما لايطيقون، لقوله تعالى: "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها".
إن أبرز الأدوات المرافقة للظرف المعقد الذي نعيش هي التكنولوجيا التي باتت تفوق بحجمها وتسارعها التصورات، إذ لا يستطيع أحد منا أن يحصي حجم تلك الثورة التي قد نحولها إلى ثروة أو روثة، " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا"، واليوم العالم كله بات على منصات سوشيال ميديا.
لا بد من الاستمتاع في الصناعة الدعوية في أي ظرف كان، فمن تجاوز ذلك الظرف دون التعلم فقد خسر، لأنه في ظني أن الله يمررنا بمسارات قسرية، يريد منا أن تقوَ عضلاتنا الذهنية والفكرية والسلوكية، لنجتاز بها قمما لا يمكننا اعتلاؤها دون ذلك التكوين.
لنأخذ منطقة ونعمل على هندستها دعويا والكترونيا ببساطة متناهية، وتلك المنطقة على سبيل المثال لا الحصر، فيها أربعة أحياء سكنية، ولكل حي من تلك الأحياء دعاته أو من ينتمون لحقل الدعوة، إذ أن الإطار الدعوي يجمع هؤلاء الدعاة في محضن فكري جامع، وتلك الأحياء هي: الحي أ ، و الحي ب ، والحي ج، والحي د.
تتضمن الهندسة الدعوية الخطوات التالية:
- يشكل دعاة الحي أ صفحة فيسبوك يسمونها باسم حيهم، وكذلك ب، و ج، و د، ويدعون الناس والدعاة إلى الانضمام لتلك الصفحات، وتبدأ النشاطات المشتركة بينهم، ويكون مسؤولو تلك الصفحات هم المنسقون بين الصفحات والأنشطة الجامعة، ويحق لكل مجموعة ممارسة الأنشطة والمساهمات الإلكترونية الخاصة بها.
- يتفق المنسقون على الأنشطة المركزية الجامعة ضمن خطة مجدولة زمنيا، وتلتزم كافة الصفحات بالترويج لها وبثها في الأوقات المتفق عليها.
- يشكل في كل حي صفحات مسجدية باسم المساجد وبعدد المساجد ما أمكن ، ويفضل لكل مسجد صفحة، تسمى صفحة شباب مسجد كذا ويكون اسم الحي حاضرا في عنوان الصفحة.
- يعتبر مسؤولو الصفحات المسجدية فريقا للعمل المسجدي في الحي وهكذا لكل حي.
- تلتزم إدارة الصفحات المسجدية بفتح الصفحات والترويج للأنشطة الجامعة بين الأحياء، ولهم مساحة العمل كل ضمن صفحة مسجده.
- يشكل القائمون على تلك الصفحات مجموعات تنسيقية على واتساب وترتيب الأنشطة بحسب تلك التنسيقات، وتضيف تلك الأنشطة قيمة للحالة الوطنية من ناحية وللحالة الوجدانية التربوية للمجتمع من ناحية ثانية.
أما الأنشطة المقترحة والتي يمكن اقتراحها لديمومة الإنتاج الدعوي ما يلي:
- ضيف الثلاثاء الأسبوعي، يتحدث الضيف البارز بمضامين توجيهية للمجتمع، كل أسبوع على صفحة حي من الأحياء وتقوم باقي الصفحات بمشاركته وبثه في نفس اللحظة.
- مسابقة بين الأحياء، في كل حي فريق ممثل للحي، يدخل في مضمار المسابقة، وقد تكون المسابقة قرآنية أو مقدسية أو في أي أمر دعوي مهم.
- درس تفسير لنصف ساعة، ودرس في حاضر العالم الإسلامي، ودرس في الحديث، ودرس في السيرة، وتكون تلك الدروس في ساعة ونصف متتالية، ويكون المتحدثون متخصصون فيما يقدمون، ويكلف الدعاة على صفحات الأحياء الأربعة بحضور تلك الدروس الأسبوعية في خلال هذه الساعة والنصف، وتكون عامة لمن رغب كذلك.
- برنامج المواعظ المسجدية لكل صفحة على حدا، او لكل حي على حدا بصفحات المساجد التابعة للحي وربما يكون هناك نشاط مسجدي شهري في بث محاضرة نوعية شهرية.
- اللقاء الشهري في أحد أيام الخميس من كل شهر، الذي يبدأ مع صلاة المغرب ويدعى له الدعاة الصائمون ويبدأ ببث درس التفسير ثم الحديث الروحي ثم الحديث المتعلق بالساعة، واختتام اليوم بالدعاء أن يحفظ الله الوطن والبلاد والعباد.
- مشروع إغاثة فقراء الأحياء، ويعمل كل فريق حي عليه على حدا ما أمكن.
- فتح دورة تمهيدية ودورة متقدمة إلكترونيا بالتعاون مع مركز قرآني في كل حي من الأحياء.
- دورة في إحدى المهارات الحياتية تكون ضمن سلسلة أسبوعية.
بظني في ظل الظروف المعقدة، إذا استمرت الحالة الدعوية العامة والتربوية الداعمة فهذا كفيل بتحقيق حالة الفاعلية لما بعد الظرف باذن الله، بل إن الحضور الإلكتروني صار هو حديث الساعة، ونفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، فهل من مدكر؟