بتاريخ 14 مارس من عام 2020م حاولت ابنتي أن تبدل حجزي إلى كندا بعد انتشار حالة الهلع مع تفشي فيروس كورونا فلم تفلح. قامت بمحاولة ثانية في حجز أقرب موعد فحجزت في 19 مارس ولكن صديقي عمر من القنيطرة قال لي الرحلات بين كندا والمغرب انقطعت وعلق الناس في المغرب. حاولت ابنتي ولوج طريق أمريكا فلم تفلح بدورها. زوجتي نزلت إلى السوق فهالها حالة اندفاع الناس لتخزين الأطعمة وفراغ الرفوف في أسواق مرجان.
في أمريكا أعلنت حالة الطوارئ في ثلاث ولايات ليلحقها عموم أمريكا. إيطاليا غرقت في مستنقع الفيروس ويتساقط الناس بين مريض وميت. الصين تزعم أنها سيطرت على الموقف ولكن لا تصدق أحدا في الأنظمة الشمولية. أما وزير الصحة السوري فقال لا توجد ولا حالة واحدة ولكنه يعرف أنه سيد الكذابين وهو لا يصدق نفسه والناس لا تصدق عندهم الإعلان عن درجات الحرارة المحلية.
في إيران الفزع الأكبر. زوجة رئيس الوزراء الكندي جستن ترودو يُعلن عن إصابتها فالأنظمة الديموقراطية شفافة. الناس كموج البحر في ألمانيا تدخل محلات ألدي (ALDI) لتتزود بالغذاء في العاصفة (ما يشبه محلات بيم في المغرب).
الجائحة تجتاح العالم من أقصاه إلى أقصاه والنصيحة إنه فيروس جدا خطير خاصة لكبار السن أو من جمع الهرم والمرض يصدق عليه قول من قال ثلاث لا علاج لهن: سقم مع هرم وحسد مع عداوة وفقر مع كسل.
ولكن مع كل هذه المؤشرات فإلى أين تتوجه سفينة البشرية اليوم؟
في الواقع كشف هذا المرض هشاشة الجنس البشري وأيضا خرافاتهم فمعمم شيعي يقول إن سبب الفيروس هما عمر وعائشة؟ أما خندق السنة فيقول إنها غضب الله على الوثنيين الصينيين؟ ولكن السعودية اضطرت مرغمة على إغلاق الحرم وهو حدث لم يتكرر إلا مع الاقتحام المسلح للحرم في مطلع القرن الهجري عام 1400هـ حين أعلن المهدي عن نفسه أنه المنتظر وبدأ في أخذ البيعة بقوة السلاح حتى جاء الكوماندوز الفرنسي فحرر البيت الحرام وسيق المهدي وشيعته إلى ساحات الإعدام بالسيف البتار؛ وهكذا فالفيروس لا دين له ولا عقيدة بل يضرب كيانات البيولوجيا شيعة كانوا أم سنة أرثوذكسا أم يهودا.
وفي 13 مارس 2020 م قام الطبيب حسام الططري بتقصي انتشار فيروس كورونا خارج الصين وفق مخططات بيانية ليصل إلى حصيلة تنبأ بها من قبل (بيل جيتس) حين خرج في منصة تيد (TED) وهو يدفع أمامه برميل يشير إلى قنبلة نووية ثم يقول ما يهددنا الآن حرب بيولوجية عالمية يشنها فيروس تافه ولكنه يتحدانا جميعا بدون أن يراه أحد.
قال الرجل وهو سيد عالم الثلج الأخضر الإلكتروني اليوم إنها حرب لم نهيأ أنفسنا لها. صحيح أن الحقيبة السوداء فيها مفاتيح إطلاق الصواريخ النووية في يد كل من بوتين وترامب، ولكن العدو الجديد يختبئ في كل خلية من أنوفنا فحيث العطاس تدفقت مليارات من هذه المكونات الميتة للتحول إلى عدو حي شرس يخرق العالم من أقصاه إلى أقصاه.
لماذا كان هذا الفيروس معديا إلى هذه الدرجة؟
والجواب فلسفي فلماذا تذهب فيروسات البوليو المسببة شلل الأطراف إلى القرون الأمامية من النخاع الشوكي فتسبب الشلل الحركي ولم تختار القرون الخلفية فتعطب الحس؟ بل لماذا اجتمع الصوديوم وهو ملح مع الكلور وهو غاز سام ليشكل الملح الذي لا تخلو منه طاولة طعام؟ بل لماذا اجتمع غازان هما الأوكسجين والهيدروجين ليشكلا سائلا هو أساس الحياة اسمه الماء؟ جواب هذا اقرؤه في أربع آيات من آخر سورة الواقعة وهي تستعرض المني والإخصاب والماء والحياة والحب والزرع والنار والحطب بل الموت والحياة.
فهذه مفاهيم تعمل عليها الفلسفة ولا جواب في العلم؛ فالعلم يقول كيف تعمل الأشياء أما لغز الأشياء تحت سؤال لماذا فهو حقل الفلسفة.
يقول الدكتور الططري إن زيادة تفشي فيروس كورونا هو وفق سلسلة هندسية وليس حسابية مذكرا بنظرية مالتوس عن الغذاء وتكاثر السكان. فالفيروس هو اليوم واحد ولكنه في الغد 1,15 أي أن العدد يتضاعف في أسبوعين إلى عشرة مرات. أي أن الإصابات إذا كانت في بلد اليوم 20 إصابة فهي بعد أسبوعين 200 وهي مع نهاية الشهر 2000 الفين وهي بعد شهرين 200 ألف إصابة. يقول الدكتور الططري إذا مشينا مع معدل الإصابات التصاعدي فرقم الإصابات إذا بقيت على وتيرتها الحالية بدون كسر سلاسل اتصالاتها سوف تصل في 9 مايو من عام 2020 م إلى 100 مليون إصابة وهي مع نهاية شهر مايو 2020م ستكون في حدود مليار إصابة، وهي تعني مع نهاية شهر جون / حزيران أكثر من عدد الخليقة المكونة من سبعة مليارات من الأنام. وإذا كانت نسبة الوفيات بين 1 و 1,5 بالمائة فعلينا توقع سبعين إلى 100 مليون جثة.بالطبع هذا ما يفسر حالة الهلع العالمي.
فأين الخلاص؟
بريطانيا اجتهدت أن تفسح الطريق أمام الفيروس ليضرب فيأخذ إلى المشافي والمقابر ما يشاء ولكن الجنس البشري ستتشكل عنده المناعة طالما لاعلاج ولا لقاح لهذا الفيروس الشرس. ولكن هذه حماقة ومخاطرة، فإذا كان الإحصاء دقيقا كما أسلفنا كان معناه أمامنا كما ذكرنا 70 إلى 100 مليون ضحية في أقل التقديرات وانقلاب محاور التاريخ.
فلا تعلم نفس ما أخفي لنا من أيام سوداء وانهيار في الحضارة؟ لا نعرف على وجه الدقة. وإن كانت مخاضات الجنس البشري نجحت دوما وتابع البشر طريقهم.
الاتجاه الثاني وهو الأصح وهو ما بدأته كندا بجد ودأب وقبلها كوريا هو في قطع سلاسل الاتصال. بكلمة مختصرة طالما كان الفيروس لا يعيش لوحده بل القفز من كائن لآخر فعلينا محاصرته لمنعه من الطيران من إنسان لآخر. العزل العزل ما أمكن. وهو ما يفعله العالم اليوم من تقطيع السلاسل في كل مكان من الحجر وتوقف الرحلات وإغلاق الحدود.
هذا يذكرني بطاعون عمواس في فلسطين الذي اندلع عام 17 هجرية مع الفتوحات الإسلامية وخسرنا فيه أعاظم الصحابة مثل ضرار بن الأزور وأبو عبيدة بن الجراح أمين الأمة وسهيل بن عمرو مبرمج صلح الحديبية ومن وصل للحل كان عمرو بن العاص بتبنى هذه السياسة "اهربوا لرؤوس الجبال وتفرقوا" فتفرق المرض وتبخر ونجا الناس. حينها انتبه من انتبه وقال نعم فيه حديث إذا وقع الطاعون في أرض فلا تدخلوها وإن كنتم فيها فلا تغادروها. اطمئن الناس للحديث لشهادته من الواقع أما عمرو فهداه عقله للحل.